الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الزوجة ما دامت في عدة الرجعية فزوجها أحق بها، وله ارتجاعها متى شاء بالقول أو بما يدل على ذلك من الفعل كالجماع، ولا يشترط رضاها لذلك. قال تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا {البقرة: 228} ولا تجوز لها الممانعة فذلك حكم الله: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ {الأحزاب:36} وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ {الطلاق: 1}.
وبمراجعتك إياها فهي زوجة لك ولا اعتبار لممانعتها وعدم رضاها شرعا، كما بينا في الفتوى رقم: 10508.
وأما إصرارها على أن تضرب أختك لمجرد كلمة نطقت بها فليس لها ذلك، ولا يجوز لك أن تطيعها فيه، فعليك أن تصلح بينهن وتطلب من أختك الاعتذار إن كان يرضي الزوجة ويحفظ لها ماء وجهها، وقد أباح لك الشارع أن تكذب عليها لأجل الإصلاح فتخبرها بأن أختك قد ندمت على ما قالت، فقد أورد الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة عن عطاء بن يسار: أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: هل علي جناح أن أكذب على أهلي.. أستصلحها وأستطيب نفسها؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لا جناح عليك. كما يجب عليك مراعاة الصبر والحكمة في ذلك ابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى، فمن رضي عنه ربه أرضى عنه الناس؛ لما أخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس. وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
وقد بينا طرفا من ذلك في الفتوى رقم: 4367 ونرجو مراجعتها والاطلاع عليها، كما أننا ننبهك إلى أن أمور الطلاق والارتجاع يرجع فيها إلى المحاكم الشرعية خصوصا إذا كانت محل منازعة وعدم انقياد ممن يجب أن ينقاد
والله أعلم.