الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمسألة دعاء المصلي إذا مر بآية رحمة أو آية عذاب ونحو ذلك، فإنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث حذيفة قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فما مرت به آية رحمة إلا وقف عندها ليسأل، ولا آية عذاب إلا تعوذ منها.
قال الصنعاني في سيل السلام: وفي الحديث دليل على أنه ينبغي للقارئ في الصلاة تدبر ما يقرؤه، وسؤال رحمته، والاستعاذة من عذابه، ولعل هذا كان في صلاة الليل، وإنما كان ذلك لأن حديث حذيفة مطلق وورد تقييده بحديث عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة ليست بفريضة، فمر بذكر الجنة والنار فقال: أعوذ بالله من النار. رواه أحمد..... ولو فعله أحد في الفريضة فلعله لا بأس فيه ولا يخل بصلاته سيما إذا كان منفرداً لئلا يشق على غيره إذا كان إماماً.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار عند حديث حذيفة المتقدم: فيه استحباب الترسل والتسبيح عند المرور بآية فيها تسبيح، والسؤال عند قراءة آية فيها سؤال... والظاهر استحباب هذه الأمور لكل قارئ من غير فرق بين المصلي وغيره، وبين الإمام والمنفرد والمأموم، وإلى هذا ذهب الشافعية. انتهى.
وإذا كان الشافعية ذهبوا إلى استحباب ذلك لكل مصلٍ فإن الأحناف كرهوا ذلك للإمام والمأموم، جاء في المبسوط: إذا مر المصلي بآية فيها ذكر الجنة فوقف عندها وسأل فهو حسن في التطوع إذا كان وحده، فأما إذا كان إماماً كرهت له ذلك.. وكذلك إن كان خلف الإمام فإنه يستمع وينصت. انتهى.
وعند الحنابلة رواية بكراهة ذلك في الفريضة.
جاء في الفروع: وله السؤال عند آية رحمة وعنه (يعني أحمد) يستحب، وظاهره لكل مصل، وعنه يكره في فرض.
وأما المالكية فقد جاء عنهم كراهية الدعاء في أثناء السورة في الفرض، كما في شرح مختصر خليل للخرشي: .... قوله: وأثناءها وأثناء سورة هو في الفرض، وأما في النفل فجائز....
فإذا تبينت مذاهب العلماء في هذه المسألة فإن الإمام إذا دعا أثناء القراءة فالظاهر أن المأموم لا يؤمن على دعائه، كما جاء في نهاية المحتاج من كتب الشافعية: وإذا سأل أي الإمام الرحمة أو استعاذ من النار ونحوها فإن الإمام يجهر به ويوافقه فيه المأموم، وظاهر أن المأموم لا يؤمن على دعائه وإن أتى به بلفظ الجمع. انتهى.
والله أعلم.