الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن المعروف أن الركعة قد تستوفي أركانها وخشوعها في أقل من أربع دقائق، وعلى كل حال، فإن السلف قد روي عنهم من كثرة الصلاة في اليوم والليلة أكثر من العدد المذكور، ولم نطلع في ترجمة ابن المبارك على أنه كان يصلي العدد المذكور بالتحديد مع أنه كان في الغاية القصوى من العبادة، ففي كتاب رهبان الليل للدكتور سيد حسين العفاني ج:1 ص52 قال: قال علي بن الحسن بن شقيق لم أر أحدا من الناس أقرأ من ابن المبارك ولا أكثر صلاة منه، وكان يصلي الليل كله في السفر وغيره، وكان يرتل القراءة ويمدها... انتهى. قال: ويروى عن زين العابدين علي بن الحسين أنه كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، وكذلك علي بن عبد الله بن عباس المعروف بالسجاد.. ومصعب بن ثابت بن الزبير بن العوام. انتهى. وفي سير أعلام النبلاء للذهبي، قال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل: كان أبي يصلي في اليوم والليلة ثلاثمائة ركعة فلما مرض من تلك الأسواط أضعفته فكان يصلي كل يوم وليلة مائة وخمسين ركعة. انتهى.
وقد أوضحنا في الفتوى رقم: 20110 كلام الحافظ ابن حجر وغيره عن معنى حديث لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل حتى يكثر فيكم المال فيفيض. رواه البخاري.
فقد ذكر أن المراد بتقارب الزمان نقص البركة منه. انتهى
ولا شك أن الله قد بارك للصالحين من سلف هذه الأمة في وقتهم يظهر ذالك من كثرة صلاتهم وتعليمهم وتأليفهم، ومع ذلك كانت لهم بيوت وزوجات وأشغال.
والله أعلم.