الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
ففي الحديث عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، الرحم شجنة من الرحمن فمن وصلها وصله الله، ومن قطعها قطعه الله. رواه الترمذي وغيره .
وفي سنن ابن ماجه عن عائشة قالت: قدم ناس من الأعراب على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: أتقبلون صبيانكم؟ قالوا: نعم، فقالوا: لكنا والله ما نقبل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وأملك أن كان الله قد نزع منكم الرحمة.
وفي مصنف عبد الرزاق عن أبي عثمان أن عيينة بن حصن قال لعمر - ورآه يقبل بعض ولده -: أتقبل وأنت أمير المؤمنين؟! لو كنت أمير المؤمنين ما قبلت لي ولدا، فقال عمر: الله، الله حتى استحلفه ثلاثا فقال عمر: فما أصنع إن كان الله نزع الرحمة من قلبك، إن الله إنما يرحم من عباده الرحماء .
فما يفعله هذا الرجل مع أولاده وزوجته أمر يخالف الشرع والأخلاق الحسنة وعليه أن يتقي الله تعالى، ولا يجوز له أن يحول بين المرأة وولدها.
وأما الأولاد فنصيحتنا لهم أن يكونوا أهل عزيمة وهمة ودين وصلاح فلا يؤثر فيهم الواقع الذي يعيشونه في هذه الأسرة تأثيرا سلبيا، وعليهم أن يحفظوا حق أبيهم وإن فرط هو في حقهم، فإن حق الأب على أولاده عظيم؛ فهو أوسط أبواب الجنة كما جاء في الحديث عن الحبيب المصطفى محمد عليه أفضل الصلاة والسلام. وانظر الفتاوى بالأرقام التالية 34531، 49195، 56766.
وليس من حق الأب أن يمنع أولاده الدراسة والتعلم في التخصص الذي يريدونه ويرغبون فيه .
وعلى هذا الرجل أن يتقي الله في بناته وييسر لهن أمر زواجهن، ولو استدعى الأمر أن يبحث لهن عن الأزواج الصالحين ويعرض عليهم، فقد عرض عمر رضي الله عنه بنته حفصة على أبي بكر ثم على عثمان ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد ذلك، وأصبحت من أمهات المؤمنين. وفق الله هذا الأب لما فيه الخير والصلاح .
والله أعلم