الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن عقوق الوالدين من الكبائر، وأصله من العق وهو الشق والقطع، يقال: عق والده يعقه عقوقا إذا آذاه وعصاه وخرج عليه، وقد عرف الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم العقوق المحرم فقال: وأما حقيقة العقوق المحرم شرعا فقل من ضبطه.... قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله في فتاويه: العقوق المحرم كل فعل يتأذى به الوالد أو نحوه تأذيا ليس بالهين مع كونه ليس من الأفعال الواجبة، قال: وربما قيل: طاعة الوالدين واجبة في كل ما ليس بمعصية ومخالفة أمرهما في ذلك عقوق، وقد أوجب كثير من العلماء طاعتهما في الشبهات. انتهى.
فقوله: (مع كونه ليس من الأفعال الواجبة) يخرج ما لو كان الفعل الذي عصى به والده واجبا فلا يعد ذلك من العقوق، وقد تقدم في الفتوى رقم: 3011 أن الزواج قد يكون واجباً، فإذا كان كذلك فلا طاعة للأم في هذه الحالة ولا يعد عقوقا، وأما إذا لم يكن الزواج واجباً فينظر هل فيه أذى للأم، فإن لم يكن فيه أذى فلا يعد عقوقاً أيضاً، فإن كان فيه أذى بالوالدة فيحرم لأنه عقوق بما ليس واجباً، ومن الأذى اللاحق بالأم أن يكون في الزواج تضييع لنفقتها.
والله أعلم.