الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحديث صحيح كما ذكرنا في الفتوى رقم 48461 وليس المقصود بالحديث تعظيم المرأة لزوجها كتعظيم الله تعالى ، فهذا كفر والعياذ بالله تعالى ، بل المراد بالحديث التأكيد على طاعته وقد أوضحنا هذا في الفتوى رقم 60819.
قال المناوي في شرحه لهذا الحديث في كتابه فيض القدير : فيه تعليق الشرط بالمحال لأن السجود قسمان؛ سجود عبادة: وليس إلا لله وحده ولا يجوز لغيره أبدا، وسجود تعظيم: وذلك جائز فقد سجد الملائكة لآدم تعظيما وأخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم أن ذلك لا يكون، ولو كان لجعل للمرأة في أداء حق الزوج، وقال غيره: إن السجود لمخلوق لا يجوز، وسجود الملائكة خضوع وتواضع له من أجل علم الأسماء الذي علمه الله له وأنبأهم بها، فسجودهم إنما هو ائتمام به لأنه خليفة الله لا سجود عبادة {إن الله لا يأمر بالفحشاء}.اهـ
وقال الإمام ابن كثير في تفسيره لقوله تعالى: وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا {يوسف: 100} وقد كان هذا مشروعاً في الأمم الماضية ولكنه نسخ في ملتنا، قال معاذ: قدمت الشام فرأيتهم يسجدون لأساقفتهم وعلمائهم ، فأنت يا رسول الله أنت أحق أن يسجد لك ، فقال : لا، لو كنت آمراً بشراً أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها، ورجحه الرازي. وقال بعضهم: بل كانت السجدة لله وآدم قبلة فيها كما قال تعالى: أقم الصلاة لدلوك الشمس. وفي هذا التنظير نظر ، والأظهر أن القول الأول أولى ، والسجدة لآدم إكراماً وإعظاماً واحتراماً وسلاماً ، وهي طاعة لله عز وجل لأنها امتثال لأمره تعالى ، وقد قواه الرازي في تفسيره وضعف ما عداه من القولين الآخرين وهما كونه جعل قبلة إذ لا يظهر فيه شرف، والاخر أن المراد بالسجود الخضوع لا الانحناء ووضع الجبهة على الأرض وهو ضعيف كما قال .اهـ
وعليه، فيكون الحديث على المبالغة في بيان حق الزوج لا أن حقه كحق الله تعالى ، فهذا لا يقوله مسلم.
والله أعلم