الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقياس في الاصطلاح: إلحاق فرع بأصل في الحكم لاتحاد العلة بينهما، وأركانه أربعة: الأصل المقيس عليه، والفرع الملحق بالأصل، والحكم، والعلة. مثال ذلك: المخدرات تأخذ حكم الخمر لاجتماعهما في العلة وهي الإسكار.
فالأصل المقيس عليه هو: الخمر، والفرع: هو المخدرات، والعلة هي: الإسكار، والحكم: هو التحريم.
وأما الاستحسان، فهو ضروب من الاستدلال كتقديم أقوى الدليلين، أو مخالفة القياس الجلي لدليل خفي، وقيل تخصيص الكتاب بالسنة، وأفضل ما قيل فيه هو: قطع المسائل عن نظائرها لدليل خاص يقتضي العدول عن الحكم الأول إلى الثاني، مثال ذلك: بيع العرايا فإن الأصل أنه من الربا، لأنه بيع مثلٍ بمثل متفاضلاً، لكن جاز لوجود النص، إذ رخص النبي صلى الله عليه وسلم في بيع العرايا. متفق عليه.
فهذا عدول عن الأصل استحساناً، وهذا يسمى الاستحسان بالنص. وقد شنَّ الإمام الشافعي حملة على الاستحسان وألف فيه "إبطال الاستحسان" وهو غير ما يعنيه الفقهاء ممن قال به، والذي أبطله الشافعي هو الاستحسان بالعقل دون الرجوع إلى الكتاب والسنة، وهذا هو حقيقة ما تسأل عنه من التقنين وهو وضع القوانين وهي مجموعة من القواعد والأحكام التي تضعها الدولة على الناس، وتنفذها بواسطة محاكمها، هذا هو الاستحسان الذي قال فيه الإمام الشافعي (من استحسن فقد شرع) قال العلماء ومن شرع فقد كفر، وإنما ترك الشافعي المقدمة الثانية لوضوحها، فالتقنين تشريع من دون الله عز وجل. والله يقول: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ [الشورى: 21].
والله أعلم.