الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد كان الواجب عليك أن تقطع هذه الوساوس عنك وأن لا تسترسل معها، إذ إن الشيطان حريص على الكيد لأهل الإيمان بالوسوسة لهم والتلبيس عليهم، قال الله تعالى حاكياً قول إبليس اللعين: قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ* ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ {الأعراف:16-17}.
ولم ينج أحد من كيد الشيطان إلا من عصمه الله تعالى، حتى إن بعض الصحابة قد شكا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما يجد من وسوسته، فأرشده إلى كيفية رده، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 12436، 13369، 48325.
واعلم أن هناك فرقاً بين وساوس الشيطان التي تخطر على قلب العبد وهي غير مؤثرة في إيمانه، وبين الشك والريب الذي يذهب باليقين ويضر بالإيمان، وانظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 56097 وما تفرع عنها من فتاوى، واتبع النصائح التي فيها.
وأكثر من دعاء الله جل وتعالى أن يهديك وأن يشرح صدرك، ويلهمك رشدك، ويكفيك شر الشيطان وشر نفسك، وأن يطهر قلبك من النفاق، وأن يقوي إيمانك ويرزقك الخشوع في الصلاة، وتحر في دعائك أوقات الإجابة كثلث الليل الآخر، وبين الأذان والإقامة، وأثناء السجود، وانظر الفتوى رقم: 8759.
هذا، وإن من أهم أسباب الاستقامة على دين الله اتخاذ رفقة صالحة من الشباب المؤمن المتوضئ، ففتش عنهم، وانخرط في سلكهم، واعبد الله معهم، وشاركهم في طلب العلم النافع، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، وقد قال الله تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ {الكهف:28}، واشهد الصلاة في جماعة، واجعل لك ورداً يومياً من كتاب الله تقرؤه بتدبر، فإنه شفاء لجميع أمراض القلوب والأبدان، قال الله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا {الإسراء:82}، وحافظ على ذكر الله تعالى، وخصوصاً الأذكار الموظفة التي تقال في الصباح والمساء وأدبار الصلوات وعند النوم، وتجدها وغيرها في كتاب (حصن المسلم) للقحطاني، وأكثر من سماع الأشرطة الإسلامية.
واطرح عن قلبك خاطر أن ما بك هو سحر أو مس من الشيطان، فإنك قادر على رد كيده، إذا استعنت بالله وذكرته كثيراً، واتبعت التدابير التي نصحناك بها، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 52270، والفتوى رقم: 54711.
والله أعلم.