الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإننا نهنئك على توبتك ورجوعك إلى الله تعالى، ونسأل الله تعالى أن يتقبل توبتك ويثبتك على الحق، وما اتهامك لنفسك بالتقصير وخوفك من النفاق إلا دليل إيمان إن شاء الله تعالى، إذ لا يأمن النفاق إلا منافق، ولا يخاف النفاق إلا مؤمن، فقد قال ابن أبي مليكة رحمه الله: أدركت ثلاثين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه. ذكره البخاري في صحيحه معلقا بصيغة الجزم.
واعلمي أن التوبة تكون مقبولة إذا توفرت شروطها كالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم الرجوع إليه، وقد فصلنا القول في شروط قبول التوبة في الفتوى رقم: 5450 والفتوى رقم: 5646.
وأما بخصوص إصرار والدك على عدم السماح لك بتغطية الوجه فإن العلماء اختلفوا في حكم كشف الوجه، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 8287 وذكرنا هناك أن الراجح هو وجوب ستره، وسبق أن بينا ما تفعله المرأة إذا أمرها والدها بكشف الوجه في فتاوى سابقة أيضا فلتراجع الفتوى رقم: 60274 والفتوى رقم: 59724.
ثم إننا ننصحك بالتعامل مع والدك بلطف ولين، ونصحه بالأسلوب الحسن والصبر عليه، وأن تحسني إليه ولو أساء إليك، فقد قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان: 14-15}
فأمر الله تعالى الولد أن يصاحب والديه في الدنيا معروفا، وإن جاهداه على الكفر بالله. فعليك أن تحسني إليه وأن تجتهدي في دعوته بالتي هي أحسن، واستعيني على ذلك بالدعاء والإكثار منه، ثم بمحارمك الذين يحترمهم ويستمع لهم.
نسأل الله الهداية للجميع إنه سميع قريب.
والله أعلم.