الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد حث الإسلام على مكارم الأخلاق، ودعا إلى معالي الأمور، ونهى عن سفاسفها، ففي الحديث: إن الله تعالى كريم يحب معالي الأخلاق ويكره سفاسفها. رواه البيهقي في السنن، والطبراني في معجميه الكبير والأوسط، وصححه الألباني في الصحيحة، وكذا في صحيح الجامع.
ومما حث عليه الإسلام في هذا الباب، دفع السيئة بالحسنة، ومقابلة الإساءة بالإحسان، قال الله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت:34-35}، وقال تعالى: وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى:43}، وقال تعالى: وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران:134}، وقال في صفات أولى الألباب: وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ {الرعد:22}.
فإذا كان صاحبك قد أخطأ في شكايتك لدى من لا يجوز التحاكم إليهم، فلا تفعل مثل فعله وتعصي مثل معصيته، ولا سيما أنه قد طلب منك التحاكم إلى الشرع، قال الله تعالى في وصف عباده المؤمنين: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {النور:51}، وقال في وصف المنافقين: وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ {النور:48}، فعليك أن تجيبه إلى ما طلب من الحكم الشرعي.
علما بأنه لا يجوز لك أن تطلب منه أكثر من المال الثابت في ذمته، سواء كانت هذه الزيادة تقديراً لأجرة المحامي التي كان يُحتمل أن تدفع إليه حالة التقاضي للمحاكم المشار إليها في السؤال أو كانت غير ذلك، وراجع الفتوى رقم: 49216.
والله أعلم.