الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا حكم التجسس وضوابطه في الفتوى رقم: 15454، والفتوى رقم: 30115 ، والفتوى رقم: 38424. فنرجو مراجعتها والاطلاع عليها. فإذا كان مسؤول الشركة قد أذن لك فيما تقوم به من مراقبة
أجهزة العمال وتتبعها وأوكل إليك تلك المهمة فلا حرج عليك، ولا يعد ذلك من التجسس الممنوع لمقتضى المصلحة وإذن المالك. وللقاعدة الشرعية" الرضا بالشيء رضا بما يتولد عنه" وأما إذا لم يكن قد أذن لك في ذلك فلا يجوز لك تصفح أجهزتهم ولا مراقبة أعمالهم لأنه من تتبع عورات المسلمين وقد قال صلى الله عليه وسلم: من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله. أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح.كما أنه مما لا يعنيك ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه . أخرجه الترمذي وصححه الألباني . وأما أخذك للمقترح دون علم صاحبه وتقديمه على أنه منك فذلك لا يجوز لأنه حق فكري ومعنوي لصاحبه كماله لا يجوز التصرف فيه دون إذنه، لأن تلك الحقوق مما يعتد به شرعا لما قرره مجمع الفقه الإسلامي في مؤتمره الخامس بالكويت من أن حقوق التأليف والاختراع والابتكار مصونة شرعا ولا يجوز الاعتداء عليها. ولما في ذلك أيضا من التدليس والغش وادعاء الإنسان ما ليس له، وقد قال تعالى: لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {آل عمران:188}. وقال صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا. صححه مسلم. فلتتب إلى الله سبحانه وتعالى وتقلع عن تلك الأفعال وتعتذر إلى صاحب المقترح وتترضاه كي يسامحك ولو اقتضى الأمر أن تدفع إليه عوضا ماليا عن مقترحه إلى غير ذلك من وسائل الإصلاح. وننبهك إلى أن النص هو الآية من كتاب الله أو الحديث من السنة فذلك هو النص، ولا مغايرة بين النص والحديث. فالحديث نص كما الآية نص.