الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الوسائل لها أحكام المقاصد شرعا، فما كان من المباحات وسيلة إلى مباح فهو مباح، وما كان وسيلة إلى حرام فهو حرام، والسياحة وإن كان فيها بعض المنافع إلا أن ما فيها من الإثم يغمر نفعها، وقد حرم الله تعالى الخمر والميسر مع أنهما لهما بعض المنافع، فقال: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا {البقرة:219}، ثم أنزل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {المائدة:90}.
والقاعدة الفقهية تقول درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، ولا يخفى على أحد أن مجال السياحة من المجالات التي تكثر فيها المعاصي، ويكثر فيها الفجور والتبرج والسفور، ولا تكاد توجد سياحة بالمفهوم السياحي اليوم خالية من المحاذير الشرعية، وأقل ما في ذلك التعاون على الإثم والعدوان المنهي عنه في قوله تعالى: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}، فوجب سد ذلك الباب، وقد قال العلماء: سد الذرائع إلى المحرم * حتم كفتحها على المنحتم
فلا تجوز دراسة السياحة ولا العمل فيها وهو الغاية والمقصد من الدراسة، لما ذكرناه سابقاً وفصلناه كذلك في الفتوى رقم: 9743.
ومجالات التخصص لا تكاد تنحصر، فينبغي للمسلم أن يختار منها ما ينفعه في دنياه وأخراه، كالعلم الشرعي وعلم الطب والهندسة وغيرها من المجالات النافعة، وأما ما كان محرما أو فيه شبهة من حرام فلا يجوز، وقد قال صلى الله عليه وسلم: الحلال بين والحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه... متفق عليه واللفظ لمسلم.
والله أعلم.