الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبارك الله فيك أخي الفاضل ونفعنا الله وإياك بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ورزقنا التمسك بهما قولا وعملا وثبتنا على ذلك حتى الممات، والحمد لله الذي وفقك للعودة إلى التمسك بشرعه، ففيه الأمن والراحة والطمأنينة وفي غيره العناء والشقاء وصدق الله إذ يقول في كتابه الكريم: وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى* قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا* قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى {طه:124-125-126}، وقال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {النحل:97}.
أما ما ذكرت من ارتكاب المعاصي من الزنى ونحوه فالتوبة النصوح وهي الإقلاع عن الذنب والندم على ما فات والعزم على عدم العود للذنب تمحو كل ما فات فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له، والتائب حبيب الله تعالى، كما قال الله تعالى: إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ {البقرة:222}، إلا إذا كان عليك حقوق للآدميين فإن عليك أن تردها لهم حسب قدرتك، وبالطرق والوسائل المناسبة. وأما الأيمان التي كنت حلفتها ولم توف بها فإن عليك لكل يمين كفارة وهي: إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوة عشرة مساكين أو تحرير رقبة مؤمنة، وهذه الثلاثة على التخيير فمن فعل واحدة منها أجزأته عن الباقي، فإذا عجز عن هذه الثلاثة انتقل إلى صيام ثلاثة أيام.
قال الله تعالى: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة:89}، وهذا في اليمين المحققة (المنعقدة) وهي: أن يحلف على أمر في المستقبل أن يفعله أو لا يفعله، فإذا حنث وجبت عليه الكفارة، والحنث هو: فعل ما حلف ألا يفعله، أو ترك ما حلف أن يفعله. أما اليمين الغموس فهي عند جمهور العلماء اليمين التي يحلفها على أمر ما كاذبا عالما، وفي وجوب الكفارة في هذا النوع خلاف: فذهب جمهور العلماء إلى عدم وجوب الكفارة، وإنما عليه التوبة والاستغفار، وذهب الشافعي إلى وجوب الكفارة وهو رواية عن أحمد وهو الأحوط.
وننبهك -بارك الله فيك- إلى لفظة في سؤالك لعلها زلة لسانٍ وهي قولك "يا ملائكة الرحمة"، فنحن لسنا ملائكة، وإنما نحن من جملة أمة محمد صلى الله عليه وسلم نسعى بتوفيق الله إلى أن ننفع إخواننا المسلمين فيما يتعلق بأمر دينهم، فنسأل الله لنا ولكم التوفيق والهداية.
والله أعلم.