الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ما أفتيناك به هو وجوب رد الحق لأصحابه مهما كان حالهم، فإن أموال الناس جميعا معصومة ولا يحل أخذها إلا برضاهم عن طريق العقود المشروعة، سواء كانت عقود معاوضات كالبيع والإجارة أو عقود تبرعات كالهبة والقرض.
ويستوي في ذلك الكفار والمسلمون والعصاة وغير العصاة، فقد قال تعالى: وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {البقرة: 190} وقال: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء: 58} وقال: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة: 188}. وقال صلى الله عليه وسلم إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم.. متفق عليه.
وقال: كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه.. متفق عليه. وقال: من اقتطع مال امرئ مسلم بغير حق لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان. رواه أحمد.
وقال: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد.
وننبه السائل إلى أن المال المحرم في البنوك هو الفوائد الربوية، وليس أصل المال، فقد قال الله تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة: 279} فأحل الله تعالى المال وحرم الزيادة الربوية، فما أدراك أن الأموال التي أخذتها هي من الفوائد الربوية حتى تجزم بحرمتها!؟ لاسيما أن الذي سوف يتحملها هو الموظف المخطئ، كما سبق بيانه في الفتوى السابقة، ولذا، فإننا نؤكد لك ما ذكرناه في الفتوى السابقة ونحضك على إرجاع هذه الأموال إلى الموظف إن كان هو الذي تحملها أو إلى البنك، ولن تعدم طريقة ترد بها هذا المال دون أن يعرفك أحد، فبإمكانك استخدام وسيط يسلم المال دون أن ينبئ عن اسمك، وبإمكانك تحويل المال إلى الموظف أو إلى البنك على التفصيل السابق أو نحو ذلك من الطرق التي يصل بها الحق لأهله دون ضرر عليك.
والله أعلم.