الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان أبوك قد وكل أمك بإدارة الشقتين ثم بدا له أن يفسخ هذه الوكالة، فلا يحق لأحد أن يمنعه من ذلك لأن الوكالة من العقود الجائزة، التي يحق لكل من طرفي العقد فيها أن يفسخها متى شاء. أما إذا كان قصدك بالوكالة هنا الهبة: أي أنه وهب أمك هاتين الشقتين فلا يجوز له الرجوع فيها، لأن الهبة تملك للموهوب له بقبضها، وقد حصل القبض من الأم، كما هو ظاهر السؤال. ويكون للأم بعد ذلك الحق بالتصرف في هاتين الشقتين بيعاً وهبة ونحو ذلك من التصرفات التي تجوز للمالك في ملكه، سواء كان ذلك لزوجها أو لغيره، وفي هذه الحالة فإننا ننصح بتوسيط أحد من أهل الدين والخير ليقنع والدك بأنه لا يجوز له الرجوع فيما وهب لوالدتك، وأن هذه الشقة الموهوبة هو كل ما تملكه الأسرة وتعول عليه في نفقاتها، فليس من الحكمة بيعها وصرف ثمنها في أمورٍ ليست ضرورية.
وعلى كلا الاحتمالين السابقين فإنه لا يجوز لكم منع الوالد من التصرف فيما يملك إلا إذا ثبت سفهه، والحكم بالسفه لا يثبت إلا بحكم القاضي إذ لو ترك إثباته لآحاد الناس لأدى ذلك إلى اضطراب كبير يتعذر معه ثبات الأحكام على نسق سليم، وإننا لنذكر السائلة بعظم حق الوالدين، ووجوب صلتهما وبرهما، فإن ذلك من أفضل القربات، وأعظم العبادات، وراجعي الفتوى رقم:2894.
والله أعلم.