الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجوابا على سؤال الأخت هل من حقها الانفصال عن زوجها فبالنظر لما قالته الأخت يتبين أن الأخت قد وصلت إلى حالة يخشى معها بأن لا تقوم بما يجب عليها تجاه زوجها ويخاف أن لا تقيم حدود الله معه، ولما كانت الحياة الزوجية كما يريدها الله سبحانه سكنا ومودة ورحمة فإن الشريعة الحكيمة السمحة قد جعلت لمن وصل بها الحال إلى ما ذكرت الأخت مخرجا من هذه العلاقة بما يسمى الخلع كما فعلت امرأة ثابت بن قيس وتقدم في فتاوى منها الفتوى رقم: 3200. ويدل عليه قوله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ {البقرة: 229}. وعليه فلا بأس من طلب الطلاق هذا من حيث الحكم الشرعي لكن ليس هذا ما نشير به عليها وقد طلبت منا المشورة، بل رأينا هو أنها في بلاء وفي محنة كما هو واضح، هذا البلاء هو ما عبرت عنه بقولها ( فإن مشاعري ذهبت لشخص آخر). فننصحها باللجوء إلى الله سبحانه وتعالى والانطراح بين يديه ليكشف عنها هذا البلاء ويصرف عنها محبة هذا الرجل ، ثم تجلس مع نفسها جلسة محاسبة وموازنة بين ما ستخسره من الطلاق وما ستجنيه وتربحه منه وتسأل نفسها هذه الأسئلة ، هل يمكن أن يتزوجها هذا الذي أحبته، وإذا تزوجها هل سيكون ( طيبا ويحبها) كما هو حال زوجها، وإن لم يتزوجها فهل ستجد زوجا غيره، وإن وجدت زوجا ألا يمكن أن يكون كزوجها. فالعاقل لا يقدم على فعل فيه خسارة محققة ـ ولا شك أنها خسارة على المرأة أن تطلق لاسيما ولها من زوجها ابن سيدفع ثمن هذا الفراق ـ لا يقدم على فعل إلا وفي هذا الفعل فائدة محققة أرجح مما خسره. نقول هذا والحال أنها لن تقدم على طلب الطلاق بحسب كلامها من أجل هذا الرجل، أما لو كان طلبها الطلاق من أجل هذا الرجل فلا يجوز لها ذلك بحال فإن ذلك نشأ عن علاقة محرمة لا تبيح لها فصم العلاقة الشرعية. ونرى أن تصبر وتحتسب الأجر من الله عز وجل على هذا البلاء قال صلى الله عليه وسلم : إن عظم الجزاء مع عظم البلاء. ويقول صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيرا يصب منه. رواه البخاري. ولتعلم أن أقل البيوت الذي يبنى على الحب، ولكن الناس يتعاشرون بالإسلام والأحساب. كما قال عمر رضي الله عنه.