الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالفنادق والسياحة في عصرنا الحاضر تشتمل على مخالفات شرعية لا تحصى، والواقع خير شاهد على ذلك، ومن هذه المخالفات شرب الخمور وظهور العورات وغير ذلك من المحرمات المؤكدة، ولا شك في أن القائمين على مثل هذا والمتعاونين معهم على خطر عظيم. قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ.
وإذا نظرنا إلى من يدرسون إدارة هذه الأشياء لوجدنا أنهم وإن لم يقعوا في محرمات -في الغالب- حال الدراسة؛ إلا أن دراستهم في الحقيقة وسيلة للوقوع في إقامة المحرمات التي أشرنا إلى بعضها، والقاعدة أن للوسائل حكم المقاصد، وما أدى إلى الحرام يكون حراما.
أما عملك السابق في المكان المذكور فإن العمل فيه غير جائز لاشتمال المقاهي في الغالب الأعم على كثير من المنكرات كشرب الدخان (الشيشة أو النارجيل) والمسكرات، وقد ذكرت أن المقهى متلقى للرجال والنساء الذين جمعهم الفسق، ولا شك في أن هذا من أكبر دواعي الفتن للمرء المسلم، وفضلا عن كل ذلك فإن العامل في مثل هذا المكان ساكت عن إنكار المنكر، وفي ذلك من مخالفة الأمر الإلهي ما هو معلوم.
وبناء على ذلك، فالواجب عليك الآن هو أن تتوب إلى الله تعالى بالندم على ذلك والعزم على عدم العودة إليه أبدا، وما بقي معك من مال قد اكتسبته من ذلك العمل فالواجب عليك التخلص منه بإنفاقه في مصالح المسلمين بنسبة تعادل نسبة العمل المحرم الذي كنت تشارك فيه في عملك الأول، وراجع في هذا الفتوى رقم: 59165. وما أنفقته في الماضي على أسرتك وعلى نفسك في الحوائج الضرورية فلا نرى عليك فيه بأسا -إن شاء الله- منه، ومن كان هذا حاله جاز له الأكل من مثل المال الذي اكتسبه للحاجة ولا إثم عليه في ذلك إن شاء الله، إلا من كان منهم قويا قادرا على الكسب فإنه يكره له الأكل منه.
وننبه السائل إلى أنه لا كفارة عليه فيما ذكرنا إلا التخلص من المال المتبقي من كسبه المحرم.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9512، 21379، 6880، 59165.
والله أعلم.