الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله سبحانه أن يصلح أحوالكم، وأن يتوب على والدتك من هذه المعصية وهذا الذنب، وما يجب عليك هو نصحها بلين وأدب وتحذيرها من عقوبة هذا العمل بشفقة وحرص على إنقاذها، فهذا إبراهيم الخليل عليه السلام يخاطب أباه المشرك الكافر بقوله: يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا {مريم:45}، ولما رفض الاستجابة رد عليه بقوله: قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا {مريم:47}.
فإذا أنكرت ما تفعله أمك بقلبك وأنكرته بلسانك، فلا تكون ديوثاً حينئذ، فالديوث هو من يقر الخبث في أهله، وأنت لم تقره، وهذه المشكلة ربما تكون بسبب الانقطاع الطويل الحاصل بين الزوجين ولا شك أن هذه القطيعة لا تجوز.
وأن هذا الوضع لا يرضاه الله سبحانه وليس هو الذي يهدف إليه الشرع من الزواج حيث إن الهدف من الزواج هو بناء أسرة يسود بين أفرادها الود والرحمة ويسكن فيها الجميع، ويجد فيها الأبناء المحضن المناسب ليتربوا فيه تربية سوية، ولا ندري ما سبب هذه القطيعة ومن المتسبب فيها حتى توجه له اللوم وينصح بالعودة إلى الصواب، ولكن على كل حال فإنها لا تجوز بغض النظر عن المتسبب.
حتى لو فرض أنها حصلت برضا الطرفين وبتنازل كل منهما عن حقه على الآخر، وإسقاطه ما يجب له على الآخر، فإنها يترتب عليها كثير مما يتنافى مع الحكمة التي شرع من أجلها الزواج، ثم إن حق القوامة على المرأة لا يسقط وليس للزوج التنازل عنه، وحق القوامة يقضي بأن يقوم على تربية أهله وولده ويمنعهم من ارتكاب المعاصي، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا {التحريم:6}، ولا يجوز له أن يترك لزوجته الحبل على الغارب فلا يعرف أين تذهب ومن تقابل ومع من تتحدث.
وأما إن كان سبب هذه القطيعة من أحدهما فإنه يأثم ويوجه إليه اللوم والعتاب ويطالب من قبل الآخر بالحق، فلو كان الهجر من الزوج فللزوجة مطالبته بحقها في الوطء أو طلب الطلاق ورفع أمرها إلى القاضي، وإن كان من الزوجة فللزوج الحق أن يطالبها بحقه في الوطء وإلا كانت ناشزاً تعامل معاملة الناشز.
والله أعلم.