الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبه السائل أولا إلى أن موقعنا هذا مشغول ببيان الأحكام الشرعية العملية، نظرا لحاجة المسلمين إليها، أما مثل السؤال المطروح، فإنه أقرب إلى البحوث العلمية منه إلى السؤال عن الأحكام التي تعرض للمسلم في حياته اليومية، ولذا فإننا سنكتفي بذكر مختصر لما كتبه ابن قدامة في المغني بصدد ذكر الرهن، وملخص ما ذكره: الرهن في اللغة: الثبوت والدوام. يقال: ماء راهن. أي راكد. ونعمة راهنة. أي ثابتة دائمة. وقيل: هو من الحبس. قال الله تعالى: كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ{الطور: 21}. وقال: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ{المدثر:38}. وقال الشاعر:
وفارقتك برهن لا فكاك له * يوم الوداع فأضحى الرهن قد غلقا.
شبه لزوم قلبه لها، واحتباسه عندها، لشدة وجده بها، بالرهن الذي يلزمه المرتهن، فيبقيه عنده، ولا يفارقه. والرهن في الشرع: المال الذي يجعل وثيقة بالدين ليستوفي من ثمنه إن تعذر استيفاؤه ممن هو عليه. وهو جائز. بالكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب فقول الله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ{البقرة: 283}. وتقرأ: (فرهن) ـ بضم الراء ـ. والرهان: جمع رهن، والرهن ـ بضم الراء والهاء ـ : جمع الجمع. قاله الفراء. وقال الزجاج: يحتمل أن يكون جمع رهن ـ بفتح الراء ـ، مثل سقف ـ بفتح السين وسكون القاف ـ وسقف ـ بضم السين والقاف ـ. وأما السنة، فروت عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاما، ورهنه درعه. متفق عليه. وروى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا، ولبن الدر يشرب بنفقته، إذا كان مرهونا، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة. رواه البخاري. وعن أبي هريرة رضي لله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يغلق الرهن. وأما الإجماع: فأجمع المسلمون على جواز الرهن في الجملة.