الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه لا حرج في تصديق الفتاوى الفقهية التي أفتاك بها هذا الرجل الذي كنت تحسبه رجلا صالحاً ما لم يكن في تلك الفتاوى ما يخالف الشرع ولا سيما قبل علمك بأنه يستعمل السحر، فصاحب الشر قد تكون عنده نسبة من الخير تستفاد منه، كما أفاد أبا هريرة الشيطان بفضيلة آية الكرسي، ولما أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم قال له: صدقك وهو كذوب.
واعلم أن تصديق الساحر والكاهن الذي بين ابن مسعود خطره في قوله: من أتى ساحراً أو كاهنا أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
إنما يحمل على تصديقه فيما يدعيه من الاطلاع على الغيب؛ لأن المؤمن يوقن أنه لا يعلم الغيب إلا الله لقول الله تعالى: عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا* إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ {الجن:27}، وقوله تعالى: قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ {النمل:65}، وقوله تعالى: وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ {آل عمران:179}، فقد كفر بالآيات المنزلة في هذا المجال.
وأما تصديقه في مسائل الفقه والدنيا فلا تدخل في هذا، ولكن الفاسق لا يستفتى فإن أهل العلم يذكرون من شروط المستفتى العدالة أي عدم إتيان الكبائر وعدم الإصرار على صغيرة من الصغائر، والسحر من الموبقات بل من الكفر عند كثير من أهل العلم.
والله أعلم.