الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحق الشرعي للأولاد وأمهم في تلك الأرض هو نصفها، ثمنه للأم والباقي للأولاد، لأن ذلك النصف هو نصيب المتوفى من تلك الأرض، وأما النصف الآخر فهو للعمتين أختي الميت، وقد بينا في الفتوى رقم: 35486 حكم تصرف أحد الورثة في نصيب الآخرين بإذنهم أو دونه.
وخلاصة القول في ذلك أنه إذا كان سكوت العمتين لتلك الفترة وعدم مطالبتهما بحقهما وقيام الأبناء بالغرس في الأرض على مرأى ومسمع منهما ولم يكن لهما عذر في ذلك السكوت فإنه يعتبر إذنا ضمنيا باستخدامها، وبناء عليه، فلا بد من دفع قيمة الشجر الكائن بحقهما في الأرض إلا إذا تنازل الابنان وتركا المطالبة بالعوض عنه ، هذا على اعتبار أن سكوتهما إقرار وإذن.
وأما إذا كان هنالك مانع من المطالبة بحقهما حياء أو عرفا فلا يعتبر سكوتهما إذنا، وبناء عليه فالقول قولهما، إما أن تدفعا قيمة الشجر ويبقى بأرضهما وتكون القيمة حينئذ قيمة شجر مجتث لا قائم كما قال العلماء، وإن شاءتا نزع الأولاد الشجر عن أرضهما فلهما ذلك، لأن فعل الأولاد يعتبر تعديا وتصرفا في حق الغير دون إذنه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: .. وليس لعرق ظالم حق. أخرجه الترمذي وغيره، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله. قال أبو عيسى والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم، والعرق الظالم هو الرجل يغرس في أرض غيره.
وننبه الأبناء هنا إلى أنه لا ينبغي لهم أن يتنكروا لجميل العمتين، فقد سكنتا كل تلك الفترة ولم تطالبا بحق ولا ثمرة، والمغارسة تقتضي أن يأخذ صاحب الأرض نسبة من الثمرة، وهما لم تأخذا أية ثمرة فهي عرية منهما إن كانتا أذنتا أو تعد على حقهما إن كانتا لم تأذنا، وقد قال صلى الله عليه وسلم من صنع إليكم معروفا فكافئوه. أخرجه أبو داود وغيره وصححه الألباني رحمه الله.
والله أعلم.