الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان في خروجك للصلاة في المسجد ضرر عليك فأنت معذور عن التخلف عن الجماعة، ويجب أن تطيع والدك في هذا، ومن جملة الأعذار التي ذكرها العلماء لإباحة التخلف عن الجماعة الخوف من الغرماء بسجن أو ملازمة، وما في معناهما من الإيذاء، وهذا باتفاق المذاهب الأربعة في الجملة، ففي المغني لابن قدامة: وفي معنى ذلك أن يخاف غريما له يلازمه ولا شيء معه يوفيه، فإن حبسه بدين هو معسر به ظلم له فإن كان قادرا على أداء الدين لم يكن عذرا له لأنه يجب إبقاؤه. انتهى.
وقال زكريا الأنصاري في أسنى المطالب وهو شافعي: وبالخوف من حبس أو ملازمة غريم وبه أي بالخائف إعسار يعسر عليه إثباته بخلاف الموسر بما يفي بما عليه والمعسر القادر على الإثبات ببينة أو حلف. انتهى.
وأما إذا لم يكن هناك ضرر فلا يجوز لأبيك أن يمنعك من الخروج إلى صلاة الجماعة حيث إن صلاة الجماعة واجبة ولقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. ولقوله: السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة. متفق عليهما. ولقوله أيضا: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه أحمد وصححه السيوطي والألباني. لكن لو نهاك عن الخروج إلى جماعة المسجد لتصلي معه جماعة لزمك طاعته. وعليك أن تبر أباك في غير ما يأمرك به من معصية، وكن به رفيقا مطيعا له في غير هذا الأمر، وينبغي أن تنصح أباك أو تعطيه كتابا يقرأ فيه أو شريطا صوتيا يسمعه وحبذا لو أهديت لأبيك هدية مع هذا ليكون أبلغ في القبول، والله نسأل أن يوفقك لمرضاته ويرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
والله أعلم.