الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد جعل الله تعالى الرجل قيما على المرأة فقال: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء {النساء:34}، قال الجصاص في تفسير هذه الآية: تضمن قوله تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء. قيامهم عليهن بالتأديب والحفظ والصيانة. انتهى.
وأمر الزوجة بالمعروف، وعلى رأسه الصلاة واجب، قال النووي رحمه الله في شرح مسلم وهو يتحدث عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ثم إنه قد يتعين... كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو، أو لا يتمكن من إزالته إلا هو، وكمن يرى زوجته أو ولده أو غلامه على منكر أو تقصير في المعروف.
وإذا بذل وسعه في النصيحة لها ثم أصرت على تضييع حق الله تعالى فله تأديبها ولو بالضرب عند الحنابلة في المعتمد والمالكية وجمع من الحنفية والشافعية، قال ابن عابدين الحنفي في رد المحتار: وله ضرب زوجته على ترك الصلاة... قوله: على الأظهر، ومشى عليه في الكنز والملتقى، وفي رواية ليس له ذلك، وعليها مشى المصنف في التعزير تبعاً للدرر. انتهى.
وفي الشرح الصغير للدردير المالكي: ووعظ الزوج من نشزت: أي خرجت عن طاعته بمنعها التمتع بها، أو خروجها بلا إذن لمكان لا يجب خروجها له، أو تركت حقوق الله كالطهارة والصلاة، أو أغلقت الباب دونه، أو خانته في نفسها أو ماله... ثم إن لم يفد فيها الوعظ هجرها في المضاجع فلا ينام معها في فرش ولا يباشرها لعلها ترجع عن نشوزها. ثم إن لم يفد الهجر ضربها ضرباً غير مبرح، ولا يجوز الضرب المبرح وهو الذي يكسر عظماً أو يشين لحما، لو علم أنها لا ترجع عما هي فيه إلا به، فإن وقع فهو جان فلها التطليق والقصاص. ومحل جواز الضرب إن ظن إفادته وإلا فلا يضرب، فهذا قيد في الضرب دون ما قبله لشدته. انتهى.
وقال ابن قدامة الحنبلي رحمه الله تعالى في المغني: فصل: وله تأديبها على ترك فرائض الله، وسأل إسماعيل بن سعيد أحمد عما يجوز ضرب المرأة عليه؟ قال: على ترك فرائض الله، وقال في الرجل له امرأة لا تصلي: يضربها ضربا رفيقاً غير مبرح، وقال علي رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا. قال: علموهم أدبوهم. انتهى.
والواجب على هذه المرأة أن تتقي الله تعالى، وأن تعلم أن خشية الله تعالى والخوف منه مقدمة على الحياء والخوف من المخلوقات، فعلى الزوج أن يهجرها في المضجع، ثم يضربها ضرباً غير مبرح، فإن لم ينفع شيء من ذلك فمفارقتها خير من معاشرتها، يقول ابن مسعود: لأن ألقى الله تعالى وصداقها (أي الزوجة) بذمتي خير من أعاشر امرأة لا تصلي.
وأما بناته فالواجب عليه وعلى أمهن تربيتهن بما يصلحهن، والمسؤولية الكبرى على الأب، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا {التحريم:6}، قال علي في تفسير هذه الآية: علموهم أدبوهم. ففي الصحيحين: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. وفي الصحيحين أيضاً: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها.
والله أعلم.