الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أحسنت إذ تبت إلى الله تعالى من تلك الآثام التي توعد الله تعالى أهلها بمضاعفة العذاب إذا لم يتوبوا حيث قال سبحانه: وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا {الفرقان: 67-70}
واعلم أن التوبة لا تقبل من العبد إلا إذا توفرت شروطها، وهي كما قال العلماء: الإقلاع عن الذنب في الحال والندم على ما فات، وعقد العزم على عدم العود إليه ثانية.
فإن كانت توبتك أخي من هذا القبيل فأبشر برحمة الله تعالى وفضله، حيث إنه جل وعلا وعد التائب الصادق بقبول التوبة بقوله: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه: 82}
هذا فيما يتعلق باقترافك لتلك المعاصي.
أما حكم زواجك من هذه المرأة المذكورة، فإن كانت غير كتابية فهو باطل لا يصح بوجه من الوجوه، وراجع الفتوى رقم: 30476 وإن كانت كتابية فهو غير صحيح، وذلك لعدم اكتمال شروط صحة النكاح، ومن ذلك نقصه للإشهاد فيه، وما ذكر من شهادة المرأة المسلمة والنصراني فشهادتهما في النكاح غير مقبولة، لأن العلماء نصوا على أن النكاح لا بد في الإشهاد فيه من شهادة رجلين عدلين مسلمين، وراجع الفتوى رقم: 591 ويدل لذلك قوله صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل، وما كان من نكاح على غير ذلك فهو باطل. رواه ابن حبان في صحيحه.
هذا إضافة إلى أن هذه المرأة غير عفيفة، وراجع الفتوى رقم: 1158 والفتوى رقم: 323.
لكن إذا أسلمت وتابت من الزنا وتحققت شروط صحة النكاح المذكورة في الفتوى رقم: 1766 فلا مانع من الزواج بها بعد استبرائها بحيضة.
ولا يتوقف صحة زواجك منها أو من غيرها على علم أهلك أو رضاهم.
هذا، وننبهك إلى وجوب قطع الصلة بهذه المرأة مادامت على تلك الحال من الفجور، وذلك لأن الإسلام حرم أي علاقة بين الرجل والمرأة من قبيل الحب والغرام خارج نطاق الزواج، كما بينا في الفتوى رقم: 4220.
والله أعلم.