الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقولك أنك اكتشفت أن زوجتك النصرانية لا تمت إلى دينها بصلة وأنها ربما تكون ملحدة، نقول إن كانت هذه الزوجة تجاهر بالإلحاد وتنكر وجود الله سبحانه فلا يجوز البقاء معها لقول الله تعالى: وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ {البقرة:221}.
وأما إن لم تكن كذلك فتحمل على الأصل بأنها نصرانية وإن لم تلتزم بأحكام الدين النصراني لعموم قول الله تعالى: وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ {المائدة:51}، قال الإمام الجصاص: جعل الله تعالى من يتولى قوما منهم في حكمهم، ولذلك قال ابن عباس في نصارى بني تغلب: إنهم لو لم يكونوا منهم إلا بالولاية لكانوا منهم لقول الله تعالى: وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ. وذلك حين قال علي رضي الله عنه: إنهم لم يتعلقوا من النصرانية إلا بشرب الخمر، قال ابن عباس ذلك، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم حين جاءه فقال له: أما تقول إلا أن يقال لا إله إلا الله؟ فقال: إن لي ديناً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا أعلم به منك ألست ركوسيا؟ قال: نعم، قال: ألست تأخذ المرباع؟ قال: نعم، قال: فإن ذلك لا يحل لك في دينك فنسبه إلى صنف من النصارى مع إخباره بأنه غير متمسك به بأخذه المرباع، وهو ربع الغنيمة، والغنيمة غير مباحة في دين النصارى.
وأما قولك بأنها في داخلها قد تكون لا تؤمن بوجوده سبحانه، فلا يمكن الحكم عليها بالإلحاد لمجرد ذلك حتى تصرح به أو يصدر منها فعل يدل يقيناً على الإلحاد، مثل الاستهزاء بالله تعالى أو سبه عياذاً بالله تعالى من ذلك ونحو ذلك من الأمور، وأما طلبك منها إسقاط الحمل فتقدم حكم الإجهاض في الفتوى رقم: 5920.
وذهب بعض أهل العلم إلى جواز إسقاط النطفة قبل مضي أربعين يوماً، أما قولك هل أنا ملزم بأن تصبح ابنتي مسلمة فإنها مسلمة أولاً لانتسابها إلى أب مسلم، وثانياً: أنها لا تزال على الفطرة وهي الإسلام، قال النبي صلى الله عليه وسلم: كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه. رواه البخاري.
فما عليك إلا أن تعلمها في هذه السن اللغة العربية، وتربيها على الانتساب لهذا الدين، وإذا بلغت السابعة من العمر تأمرها بالصلاة وتعلمها كيفية الصلاة والطهارة، وإذا بلغت العاشرة تلزمها بأداء الصلاة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: مروا صبيانكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. رواه أبو داود.
وتعودها على الصيام وهي في هذا السن، مع تعليمها آداب الإسلام وأخلاقه ومن ذلك ما يتعلق بلباس المسلمة (الحجاب)، وقبل ذلك ما يتعلق بالعقيدة من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله إلخ، وما يحرمه الإسلام من المآكل كالخنزير ومن المشارب كالخمر وغير ذلك، فإذا بلغت سن (البلوغ) فتكون مكلفة مخاطبة بأوامر الشرع ونواهيه وليس عليك اتجاهها إلا النصح والإرشاد والدعوة، وهي مسؤولة أمام الله عن كل تصرفاتها، فإذا اختارت طريقاً غير الإسلام لا سمح الله، فلا تؤاخذ أنت على ذلك، وتكون قد برئت ذمتك، لقول الله تعالى: وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام:164}.
والله أعلم.