الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجزاك الله خيراً على برك بأبيك واحترامك لمشاعره وتثبتك من حكم الشرع فيما تقدم عليه.
وأما ما ذكرته من معارضة والدك لزواجك بذات الدين رغبة بك عنها لكونها غير ذات جمال، فلتذكره بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم لمن أراد الزواج في قوله: فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه.
ولتخبره أنه إن كان يريد سعادتك، فإنما هي في زواجك بذات الدين والعفاف والحياء، فالجمال نسبي وهو زائل، والباقي إنما هو الخلق والدين والمعاملة الحسنة لك ولأبنائك، وشتان بين خضراء الدمن(المرأة الحسناء في منبت السوء) وبين ذات الدين والخلق.
فإن رضي بذلك واطمأنت إليه نفسه فنعما هي، وإن أصر على الطلاق فلا تجب عليك طاعته في ذلك: إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه.
وليس أمره بتطليق الزوجة لغير سبب من المعروف، كما بينا في الفتوى رقم: 1549، والفتوى رقم: 53979.
ولكن تجب صحبته بالمعروف وطاعته في غير معصية، وأن تقول له قولاً كريماً كما أمرك بذلك ربك في قوله: وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء: 23-24}.
فتلاطفه وتباسطه وذكره بقول الله عز وجل: فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء: 19}.
وقوله: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216}.
نسأله سبحانه أن يهدينا لما يجب يرضى ويوفقنا للبر بوالدينا حتى يلقوه وهم راضون إنه سميع مجيب.
والله أعلم.