الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما بشأن رفضك لمن يتقدم لخطبتك من الشباب لعدم كفاءتهم في الدين والخلق فلا تحاسبين عليه بل هو المطلوب منك ومن وليك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير. قالها ثلاث مرات. رواه الترمذي. ففهم من الحديث أن من لم يكن مرضي الدين والخلق لا ينكح إذا خطب.
وأما بشأن هذا الشاب الذي يحاول التقرب منك فكما قالت لك أمك ففارق السن لا يضر، فقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة رضي الله عنها وكان تكبره بأكثر من هذا، وعليك بالاستمرار على أسلوبك المذكور في التعامل معه ومع غيره، واعلمي أن هذا الأسلوب خير للفتاة، وذلك أن من حولها أحد رجلين: إما صاحب نية سيئة فهو كذئب يتربص بها لينهش عفتها ثم يرميها، وإما صاحب نية سليمة ويريدها زوجة بما أحل الله. فأسلوبها الشديد والحذر من الرجال يصرف عنها الأول بحيث ييئس منها، ويجذب إليها الثاني حيث يحترمها ويرى أنها تصلح أن تكون زوجة لما يرى من عفتها واحتشامها، والعكس بالعكس، ومن كانت نيته الحلال فطريقه معروف.
وأما عن سؤالك هل النصيب يحكم في هذه الأمور دون تدخل منك؟ فالزواج كغيره من أفعال العبد مخلوقة لله مقدرة مكتوبة سبق بها علمه سبحانه وكتبها له قبل أن يخلق، وهذا معنى الإيمان بالقضاء والقدر، الركن السادس من أركان الإيمان، فلا داعي للقلق من هذا الموضوع وغيره فإن كل شيء بقضاء، ولكن هذا لا يتعارض مع الأخذ بالأسباب المشروعة، ونقول المشروعة وليس المحرمة، ومن هذه الوسائل ما كان بعض السلف رضي الله عنهم يفعله من عرض ابنته على من يراه يصلح زوجا لها، وقصة عمر معروفة في عرضه حفصة لكل من أبي بكر وعثمان، وإن كان هذا غير ممكن عادة في بيئتك فهناك وسائل أخرى كقيام الأم مثلاً بالتعرف على أم الشاب ومعرفة نواياه تجاهك، والله نسأل أن يوفقك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.