الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الأب هو أحد الورثة ولا يسقط بحال من الأحوال، إلا أن يكون متلبساً بمانع من موانع الإرث، كالكفر والقتل المتعمد للمورث ونحو ذلك، وفرضه السدس حيث كان للميت ولد ذكر أو أنثى، قال تعالى: وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ {النساء:11}، وللبنات الثلثان فرضاً، لقول الله تعالى: فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ {النساء:11}, وإن لم يكن لهذه المرأة من الورثة وقت موتها غير من ذكرت، فإن باقي المال يأخذه أبوها تعصيباً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر. كما في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما.
واعلمي أن إرادة تلك المرأة حرمان أبيها من الميراث تعد لحدود الله وعقوق، ولا يبيحه ما ذكرت من أنه سبق أن حرمها وكتب أملاكه لأخواتها وتركها، فهو قد أخطأ فيما فعل، ولكن الخطأ لا يبرر الخطأ، وكل إنسان سيسأل يوم القيامة عن خطئه، قال الله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ {المدثر:38}.
وفيما يتعلق بأمر كتابة المنزل باسم بناتها، فإنها إن فعلت ذلك في حال تمام صحتها، وتمت الحيازة من قبل الموهوب له الحيازة المعتبرة شرعاً، ومن تمام ذلك إخلاء المنزل من سكن الواهبة، فإن الهبة ماضية ويختص الموهوب له بما وهب له دون بقية الورثة، وإن اختل شرط مما ذكر فالهبة لاغية، والمنزل تركة يقسم على الورثة كل حسب نصيبه، قال المواق في التاج والإكليل: المتيطي: شرط صدقة الأب على صغار بنيه بدار سكناه إخلاؤها من نفسه وأهله وثقله ومعاينتها البينة فارغة من ذلك ويكريها لهم، وقال في المدونة: من حبس على صغار ولده دارا أو وهبها لهم أو تصدق بها عليهم فحوزه لهم حوز إلا أن يسكنها أو جلها حتى مات فيبطل جميعها.
وننصح الأخت الكريمة بمعالجة أمر والدها بالرفق واللين، ومحاولة ترضيته قبل أن يموت وهو ساخط عليها، وأن لا تكتب المنزل باسم بناتها إلا إذا كانت لا تريد بذلك حرمانه هو من الإرث.
والله أعلم.