الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعبارة التجارة شطارة يقصد بها: أن التجارة تقوم على المهارة والذكاء، ويجب تقييد هذا المعنى بما كان مباحاً من أنواع التجارة خالياً من الغش والتدليس.
وأما عن حكم التجارة، فحيث كانت السلعة المتاجر فيها مباحة وتم البيع والشراء وفق الجائز من ذلك وسلم من الغش والتدليس ومن أن يكون شاغلا عما هو واجب أو مستلزماً لفعل ما هو محرم، فإن التجارة حينئذ مباحة.
وقد اختلف العلماء هل التجارة أفضل أم الزراعة أم الكسب باليد؟ وقد فصل ذلك العلامة العيني في كتابه عمدة القارئ فقال رحمه الله: واختلف في أفضل المكاسب، فقال النووي: أفضلها الزراعة، وقيل أفضلها الكسب باليد، وهي الصنعة، وقيل أفضلها التجارة، وأكثر الأحاديث تدل على أفضلية الكسب باليد، وروى الحاكم في المستدرك من حديث أبي بردة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الكسب أطيب؟ قال: عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور. وقال هذا حديث صحيح الإسناد، وقد يقال هذا أطيب من حيث الحل وذاك أفضل من حيث الانتفاع العام، فهو نفع متعد إلى غيره، وإذا كان كذلك فينبغي أن يختلف الحال في ذلك باختلاف حاجة الناس، فحيث كان الناس محتاجين إلى الأقوات أكثر كانت الزراعة أفضل للتوسعة على الناس، وحيث كانوا محتاجين إلى المتجر لانقطاع الطرق كانت التجارة أفضل، وحيث كانوا محتاجين إلى الصنائع أشد كانت الصناعة أفضل وهذا حسن.
والله أعلم.