الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فكل قرض جر نفعاً فهو ربا لا يجوز، قلَّت الفائدة أو كثرت، ولا عبرة بالنية الحسنة، فالحرام حرام والربا ربا، قال الله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا {البقرة: 275}.
فمهما حسنت نية فاعله فالإسلام لا يرضى أن يتخذ الحرام وسيلة إلى غاية محمودة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جمع من حرام ثم تصدق به لم يكن فيه أجر وكان إصره عليه. رواه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم.
فلا يجوز لكم أن تأخذوا قرضا ربوياً، سواء كان من فرد أو مؤسسة أو دولة، وسواء قل الربح أو كثر، بل حتى التعاقد على ذلك لا يجوز، ولو كان السداد قبل حلول الفائدة، فتلك حيلة على الربا باطلة مثل حيلة أصحاب السبت إذا حرم عليهم الاصطياد في يوم السبت فنصبوا شباكهم يوم الجمعة وتركوها إلى يوم الأحد، وقالوا: لم نصطد في السبت، فأخذهم الله بعذاب بئيس؛ كما في سورة الأعراف.
وحسب المسلم في حرمة الربا وخطورته قوله صلى الله عليه وسلم: لعن الله الربا آكله وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء. رواه مسلم.
ولإكمال المشروع ينبغي أن تبحثوا عن قرض حسن ولو برهن أو كفيل ونحوه من الضمانات أو مشارك إلى غير ذلك من الأسباب المباحة: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق: 2-3}.
ونذكركم بأن إكمال المشروع وطلب الربح وزيادة المال ليس ذلك من الضرورات المبيحة للحرام، كما بينا في الفتوى رقم: 6501، والفتوى رقم: 1297.
وأما اعتبار كون الفائدة مصاريف إدارية وليست ربحاً، فنقول: يجوز دفع الرسوم للمصاريف الإدارية بشرط تحديدها ومعلوميتها، لأنها أجرة ويشترط في الأجرة ما يشترط في الثمن والمثمن، فلابد من تحديدها ولا تصح أن تكون نسبة وإلا كانت مرتبطة بالقرض، وليست مرتبطة بالخدمة، والعبرة في العقود بالمعاني لا بالألفاظ والمباني.
قال ابن قدامة: كل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية فأسلف على ذلك فهو ربا.
وفي المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة أفتى العلماء بإجماع أن: الفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرم لا فرق في ذلك بين ما يسمى بالقرض الاستهلاكي وما يسمى بالقرض الإنتاجي.
والله أعلم.