الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم نجد في كلام أهل العلم من تعرض للتعريف بهذا العدو المشترك بين المسلمين وبين الروم، فالله أعلم بمراد الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا العدو الذي ورد في حديثه الشريف، إلا أن أهل الكتاب يؤمنون إيماناً جازماً بهذه المعركة المشتركة ويسمونها في كتبهم وعقائدهم معركة (هيرميجدون) وهي كلمة تتكون من مقطعين (هر) بمعنى جبل، ومجدون هو سهل أو واد يوجد في فلسطين.
ولا يبعد جواب هذه الجزئية من السؤال عن التي قبلها، إلا أن صاحب عون المعبود قال في شرح الحديث المذكور: (فتغزون أنتم) أي فتقاتلون أيها المسلمون (وهم) أي الروم المصالحون معكم (عدوا من ورائكم) أي من خلفكم. وقال السندي في حاشية ابن ماجه أي عدوا آخرين بالمشاركة والاجتماع بسبب الصلح الذي بينكم وبينهم، أو أنتم تغزون عدوكم وهم يغزون عدوهم بالانفراد. انتهى.
ولا شك أن كلمة الملاحم صيغة جمع، والجمع يفيد التعدد، فلا يمكن حمله على معركة واحدة من غير دليل، ويؤيد إرادة الجمع، ما رواه الحاكم بسنده عن سهل عن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق، فيخرج إليهم جلب من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافوا قالت الروم: خلو بيننا وبين الذين سُبُوا منا نقاتلهم. فيقول المسلمون: لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا فيقاتلونهم، فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبداً، ويقتل ثلث هم أفضل الشهداء عند الله عز وجل، ويصبح ثلث لا يفتنون أبداً، فيبلغون القسطنطينية فيفتحون، فبينما هم يقسمون غنائمهم وقد علقوا سلاحهم بالزيتون إذ صاح الشيطان إن المسيح قد خلفكم في أهليكم. قال النووي: روي سبوا على وجهين: فتح السن والباء وضمهما، قال القاضي في المشارق: الضم رواية الأكثرين، قال: وهو الصواب.... ففي هذا الحديث إشارة إلى أنه يسبق المعركة معارك يغنم فيها المسلمون غنائم من بينها أسرى، وهؤلاء الأسرى يسلمون ويكونون في صفوف المسلمين.
لهذا يرغب الروم في قتال أبناء جنسهم، لكن المسلمين يمتنعون عن ذلك، ثم تنتهي المعركة بفتح القسطنطينية... ولا يمكن الجزم بنوع الأسلحة التي ستستخدم في هذه المعركة، لأن ذلك لم يرد فيه شيء من الشارع.
والله أعلم.