الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف أهل العلم في الغبن في البيع هل يحق للمغبون رده أو لا يحق له ذلك بعد مضي البيع؟
فقد ذهب الإمام مالك إلى أن البيع يمضي، ولا يحق للمغبون الرجوع، ونقل عنه المواق في التاج والإكليل قوله: من باع مصلى ثم قال مشتريه: هو خز، فقال البائع: لو علمته ما بعته بهذا الثمن: هو للمشتري ولا شيء للبائع عليه... لو شاء لتثبت قبل بيعه...
وعلى ذلك فما وقع بينكما من البيع في الكتاب صحيح ولا يؤثر فيه اكتشافك أو معرفتك أصلاً بثمنه، هذا من ناحية البيع على العموم.
أما بخصوص بيع هذا النوع من الكتب وشرائه فإنه يجوز بيعه للمتخصصين من المسلمين الذين يستعينون به على الرد على أهل الضلال.... فقد كان كبار المسلمين ممن قاموا بهذا الفرض الكفائي يقتنون كتب النصارى وغيرهم من أهل الضلال وينقلون منها للرد عليهم؛ كما نجد ذلك عند ابن حزم وابن تيمية... ولا بد أن يكونوا بذلوا مالاً وجهداً في الحصول على هذه الكتب، وأما غير هؤلاء فإما أن يكون بيعه لهم حراماً إذا كانوا يستعينون به على باطلهم، أو كانوا مسلمين يشوش على عقائدهم.. أو يكون مكروهاً إذا لم يخش عليهم منه وكانوا يقتنونه لمجرد الاطلاع.. فقد قال ابن حجر: إن النهي محمول على الكراهة والتنزيه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، وغضبه على عمر كغضبه على معاذ حين طول بالناس في الصلاة...
والحاصل أن بيع هذا النوع من الكتب يجوز لمن يستعين به على إحقاق الحق ورد الباطل، ويكره لمن يستعمله في مجرد المطالعة، ويحرم لعامة الناس أو من يستعين به على الباطل، ولتفاصيل ذلك وأدلته وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 20030.
والله أعلم.