الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فللأبناء حقوق على الأب، وللزوجة حقوقها على زوجها ترجع في جملتها إلى التراحم والمسؤولية ، وذلك كواجبه في الحفاظ على الأولاد , والنفقة عليهم, وقد اتفق أهل العلم على أنه يجب على الرجل نفقة الزوجة والأبناء، واتفقوا على أن للأب حق الولاية في تزويج بنته .
ولا شك أن عمل الأب الوارد في السؤال مخالف لتعاليم الإسلام وأحكامه. قال صلى الله عليه وسلم الله: كلكم راع وكلم مسئول عن رعيته ، فالأب راع في بيته ومسؤول عن رعيته . متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت.رواه أحمد وأبوداود وصححه السيوطي والنووي وحسنه الألباني .
إضافة إلى مخالفته للفطرة السليمة ، فإن الله سبحانه قد فطر الإنسان على الحنو والرحمة على أولاده، والفطرة ربما انحرفت بسبب المعاصي والذنوب والبعد عن منهج الله.
فينصح هذا الوالد ويبين له عظم المسؤولية والتبعة الملقاة عليه ، وعظم الذنب والخطأ الذي يرتكبه، ويمكن للبنت نصحه بذلك، ولو بطريق غير مباشر عن طريق أحد الخيرين، أو بمراسلته إن أمكنها ذلك.
وننبهها إلى أن تفريط الوالد في حقها وحق أمها وإخوتها وإضاعتهم لا يبرر عقوقه ، فإن حقه في البر من حق الله الذي أمر بمصاحبته في الدنيا معروفا، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. { لقمان : 14 – 15} . كما نذكر الأخت أن والدها هو وليها في الزواج، فإذا تقدم لها من يريد الزواج بها فعليها أن تخبر والدها إذ لا يصح الزواج بغير ولي ، والولاية لا تنتقل من الولي إلا في حالات معينة ذكرناها في الفتوى رقم: 57916، فما لم يكن الوالد عاضلا ومانعا ابنته من الزواج فيبقى حقه في الولاية ، إلا في حالة ما إذا كان لا يزال على فسقه ولم يتب من تعاطي المخدرات ، ففي هذه الحالة تسقط ولايته لعدم عدالته ، حيث إن العدالة شرط في الولاية عند بعض العلماء وهم الشافعية ورواية عن الحنابلة، ففي هذه الحالة ترفع أمرها إلى القاضي ليزوجها.
والله أعلم