الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا السؤال يحتمل الاحتمالات التالية:
- أن يكون هذا الجد قد أوقف جميع أملاكه لحفيديه وعقبهما وقفا ناجزاً، وهو في حال صحته ومضي تصرفه.
- أن يكون يكون قد كتب ذلك في الوثيقة على سبيل الوصية.
ويتفرع عن الحالة الثانية فرعان هما:
- أن لا يكون عقب الحفيدين الموصى له موجوداً حين موت الموصي.
- أن يكون هذا العقب موجوداً حين موت الموصي.
ولم نفترض احتمال أن يكون مع هذين الحفيدين من يحجبهما من أولاد الصلب، لأن صيغة السؤال تفيد أن ذلك غير موجود.
وعليه، فنقول -وبالله التوفيق- إن هذا الجد إذا كان قد أوقف جميع أملاكه لحفيديه وعقبهما وقفاً ناجزاً، وهو في حال صحته ومضي تصرفه، فهذا الوقف صحيح.
وعليه، فإن جميع أملاكه تصير وقفاً على ذين الحفيدين دون العمة.
وأما إن كان هذا الجد قد كتب في الوثيقة على سبيل الوصية، ومثل ذلك ما إذا كان كتبه وقفاً ناجزاً لحفيديه، ولكن فعل ذلك في الحال التي لا تمضي فيها تصرفاته، كحال المرض والخرف والسفه ونحو ذلك، فإنه إذا لم يكن العقب الموصى له موجوداً حين موت الموصي، فإن الوصية حينئذ باطلة إلا أن يجيزها الورثة، لأنها وصية لوارث.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود، وابن ماجه وحسنه السيوطي من حديث أبي أمامة رضي الله عنه.
وإن كان هذا العقب موجوداً حين موت الموصي، فإن ثلث المال يقسم بين الحفيدين وبين الموجود من عقبهما الذكور، على أنه وقف بالنسبة للعقب، وميراث بالنسبة للحفيدين، تدخل فيه بنت الصلب التي هي العمة، وغيرها من الورثة إن كان ثم ورثة غيرها، كالزوجة فمثلاً: لو كان الذكور من العقب ثلاثة، فإن المال يقسم خمسة أخماس، للحفيدين خمسان إرثاً تشاركهما فيه عمتهما، وثلاثة أخماس للعقب، وقف.
وهذه المسألة هي المعروفة عند الفقهاء بمسألة أولاد الأعيان، يقول فيها الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله: أو على وارث بمرض موته إلا معقباً خرج من ثلثه، فكميراث للوارث: كثلاثة أولاد وأربعة أولاد وعقبه، وترك أماً وزوجة، فيدخلان فيما للأولاد وأربعة أسباعه لولد الولد وقف....
وفي هذه الحالة ينتقض التقسيم كلما طرأ أو مات حفيد أو واحد من العقب، يقول خليل: وانتقض القسم بحدوث ولد لهما: كموته على الأصح.
وأما الثلثان الخارجان عن الوصية فهما إرث لجميع الوارثين.
وننبه الأخ السائل إلى أن هذه المسائل عند التنازع فيها يجب الرجوع فيها إلى المحاكم الشرعية لأنها أقدر على الاطلاع على حيثياتها والحكم فيها حكماً صحيحاً مطابقاً للواقع، ولا يمكن الاستغناء فيها بفتوى كفتوانا هذه؛ اللهم إلا أن يرضى الخصماء بها.
والله أعلم.