الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الخلع مهما وقع اعتبر طلقة بائنة ولو لم يتلفظ الزوج بالطلاق، والمعتبر في ذلك هو رضا الزوج إن كان المخالع أجنبياً متبرعاً بالمال كما في المدونة والإنصاف وغيرها.
فإذا وكل الزوج من يتسلم المال نيابة عنه في ذلك وتلفظ الزوج بالطلاق أو لم يتلفظ به فقد وقع الخلع وبانت منه الزوجة، وأما كون الإخوة والأخوال لم يشهدوا العقد فلا عبرة بذلك لأنه يجوز للولي الأبعد أن يعقد مع وجود الأقرب ما لم يكن مجبراً (وهو الأب)، فإن عقد الأبعد فليس للأقرب رد النكاح إلا إذا كان العقد لغير كفء؛ كما في الأم للشافعي والمدونة عن مالك.
وليست المسألة هنا مسألة اعتراض على العقد وصحته وإنما هي مخالعة أجنبي وهي صحيحة إذا تبرع من عند نفسه بالمال ورضي الزوج؛ كما قال ابن نجيم في البحر الرائق والشربيني في مغني المحتاج والمرداوي في الإنصاف وابن قدامة في المغني.
والذي يظهر من السؤال أن الزوج قد رضي بذلك واستلم المال أو وكل من ينوبه في استلامه فلزمه ذلك.
وأما كون أهل الزوجة قد أغلقوا دونه السبيل إليها فليس ذلك من الإكراه؛ إذ كان له أن يرفع أمره إلى المحكمة فتزيل عنه الظلم وتمكنه من زوجته، ولكنه آثر المال ومخالعة زوجته فبانت منه لأن الخلع يعتبر طلاقاً بائناً، كما بينا في الفتوى رقم: 35310.
وننصح في هذا الأمر بمراجعة المحاكم الشرعية، فإننا لا نرى أنه يسوغ الاعتماد في مثل هذه المسائل على مجرد فتوى لا تحيط بملابسة الأمر من كل جانب.
والله أعلم.