الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أحسنت تلك المرأة لوالدك إذ أمهلته في سداد ثمن الأرض، فنسأل الله تبارك وتعالى أن يوفق أباك لمقابلة الإحسان بالإحسان ورد حقوق الآخرين إليهم، لأن تأخيرها بغير عذر ظلم، ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مطل الغني ظلم.
ولصاحبة الدين أن تتظلم عند من ينصفها وتطالب بحبس والدك الغني المماطل حتى يدفع إليها حقها. قال صلى الله عليه وسلم: ليُّ الواجد يحل عرضه وعقوبته. رواه أبو داود . يعني يحل عرضه بأن يقول: ظلمني ومطلني، وعقوبته بالحبس والتعزير، وإذا كان المماطل يريد أن لا يؤدي ما عليه فالأمر أعظم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله. وهو في صحيح البخاري
وهذا لا يعني أن المال المقترَض يصير حراما على والدك، لأن الحق تعلق في ذمته لا في عين المال، فمن وهب له أو اشترى منه فلا شيء عليه، ومن ذلك أن يهب لكم منه شيئا لفتح محلات تجارية.
لكن عليكم بنصحه وتذكيره بوقوفه بين يدي الله تبارك وتعالى يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، يوم لا درهم ولا دينار وإنما الحسنات والسيئات، فيأخذ الله من حسنات الظالم فتعطى للمظلوم فإذا فنيت حسناته وبقيت عليه حقوق أخذ الله من سيئات المظلوم وطرحت عليه، ثم يلقى به في النار وبئس القرار.
نسأل الله تعالى أن يوفقه للتوبة وأداء الحقوق لأهلها قبل الممات.
والله أعلم.