الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلاشك أن صاحبة الفطرة السليمة هي التي تبغي العفاف، وتجد أن سعادتها في بيتها ومع زوجها وبين أولادها. ولكن قد يكون قضاء الله وقدره على خلاف ما يتمناه الشخص، ومن هنا كانت حقيقة الابتلاء بفقد بعض المرغوبات، ولله في ذلك حكم عظيمات، منها أن يتعلق قلب المرء بدار الخلد التي فيها كل ما يشتهيه ابن آدم، من غير نصب ولا وصب. ومن الحكم أيضاً أن يرفع العبد أكف الضراعة لله أن يكشف عنه البلاء وأن يرزقه ما يتمناه، وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 51946، 27082، 13849.
هذا، وإن كنت قد قصرت في أداء بعض ما أوجبه الله تعالى عليك من الفرائض ـ فإن الواجب عليك التوبة إلى الله من ذلك، وعقد العزم على الاستقامة والتمسك بدين الله، والندم على ما فرطت في جنبه تعالى، واعلمي أن الذنوب من أسباب وقوع المصائب وحرمان الخير، قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير {الشورى:30}. وكان من دعاء العباس: اللهم إنه لا ينزل بلاء إلا بذنب ولا يكشف إلا بتوبة.
هذا، وإن كان زوجك الذي طلقك صالحاً ديناً ذا خلق، ورأيت أنك قد تسرعت في الانفصال عنه، فلك أن توسطي بينكما واسطة خير للإصلاح ومن ثم العودة إليه. أو أن تخبري الثقات من أخواتك المؤمنات برغبتك في الزواج وتكوين أسرة، فيبحثن لك عن زوج صالح ذي دين وخلق، فيكلمنه عنك، وليس في ذلك منقصة لك، بل تلك منقبة، فإن طلب العفاف بالزواج الشرعي دليل الاستقامة، وانظري الفتويين: 9990، 18430. واسألي الله كثيراً أن يرزقك العفاف والزوج الصالح، والتمسي في دعائك أوقات الإجابة الفاضلة التي يرجى قبول الدعاء فيها كثلث الليل الآخر عند النزول الإلهي، وفي السجود وبين الأذان والإقامة وفي يوم صومك فإن للصائم دعوة مستجابة. وإذا قدر الله أن تبقي بدون زواج، فلا تنزعجي، واعلمي أن حالك خير من حال كثيرات متزوجات لكنهن معذبات وغير سعيدات ويتمنين الطلاق، ولولا ما بينهن وبين أزواجهن من أولاد لما صبرن على العيش معهم لحظة واحدة، فاحمدي الله على العافية، وانظري الفتوى رقم: 12767. ولا تجعلي فقدك لنعمة الزوج والأبناء ملهياً عن شكر ما حباك الله من نعم، وأعظمها نعمة الإيمان والهداية، ونعمة العافية والصحة في البصر والسمع وسائر الجوارح، فقد قال صلى الله عليه وسلم: انظروا إلى من أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله. رواه مسلم.
هذا، وإننا ننصحك بأن تتخذي رفقة صالحة من الأخوات المؤمنات الفضليات، فإن صحبتهن من أعظم أسباب الاستقامة على أمر الله تعالى، فتعاوني معهن على فعل الخيرات وطلب العلم النافع وحفظ القرآن ونحو ذلك، ولا تضيعي عمرك فيما لا فائدة منه. وانظري الفتويين: 59729 ، 59868.