الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه الأفعال المذكورة الصادرة من الزوج غير جائزة شرعاً، وتتنافى مع أخلاق الإسلام الفاضلة الرفيعة في التعامل مع الناس عموماً، ومع الزوجة خصوصاً، فإن المسلم ذو أخلاق حسنة مع القريب والبعيد مع الصديق والعدو، قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت: 34}. وقال تعالى: وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى {المائدة: 8}. وقال تعالى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا {البقرة: 83}. وقال: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ {الإسراء: 53}.
وهذه الأخلاق تتأكد مع الزوجة لما لها من الحق، وهذه بعض النصوص الواردة في هذه الأخلاق، فقد قال الله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء: 19}.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي وابن ماجه. وقال صلى الله عليه وسلم: ألا واستوصوا بالنساء خيراً. أخرجه الترمذي. وقال: اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة. رواه أحمد وابن ماجه من حديث أبي هريرة وحسنه الألباني. وروى أبو داود في سننه عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إن اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت.
هذا وفي حال كرهها وبغضها، فقد قال الله تعالى: فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء: 19}. وقال: وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا {البقرة: 231}.
فما سبق من النصوص فيه مدكر ومزدجر للزوج، وأما الزوجة فنقول لها: إن شئت صبرت واحتسبت الأجر على هذا البلاء، وهذا أولى من أجل حفظ أولادك، وإن شئت بذلت له ما يطلب وفديت نفسك منه، وسيغنيك الله من فضله، ولا يجوز للزوج أخذ العوض على الطلاق ما لم يكن النشوز من المرأة .
والله أعلم.