الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجب أن تعلم أن بر الوالد من آكد الواجبات والسعي في رضاه من أجلِّ القربات، لأن في رضاه رضا الرب وفي سخطه سخط الرب؛ كما في الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الرب في رضا الوالد وسخط الرب في سخط الوالد. وفي الترمذي كذلك عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الوالد أوسط أبوب الجنة فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه.
وعلى هذا؛ فإذا كنت راغبا في هذه الفتاة وكانت دينة فينبغي أن تبذل جهدا في إقناع والدك بالموافقة على خطبتك لها باتخاذ الطرق المشروعة، ومنها: ذكر ما تمتاز به هذه الفتاة من الدين وهو أمر حث الإسلام عليه عند اختيار الزوجة. ومنها: توسيط الأعمام والإخوة وكل من له جاه مقبول عند أبيك، فإن قبل فلا إشكال وإن رفض فإن كان رفضه لهذه البنت المعينة مع قبوله بغيرها فلا يجوز لك الإقدام على مخالفته في هذا الشأن لأن طاعته واجبة وخطبتك لهذه البنت ليست بواجبة، والواجب مقدم على غيره عند التعارض.
واعلم أن من ترك شيئا لله عوضه الله تعالى خيرا منه، وأما إن كان يرفض زواجك بالجملة وأنت قادر عليه وتخشى على نفسك الوقوع في الفتن فلا تلزمك طاعته، ولك أن تتزوج، وابذل وسعك في الإحسان إلى أبيك والتلطف به، أما بالنسبة لأحقية أبيك في الاعتراض من عدمه؟ فالجواب أن الأب في الغالب مجبول على حب المصلحة لبنيه، ولعل هذا وجه اعتراض أبيك حيث يخشى أن يؤثر هذا الأمر على تحصيلك العلمي ودراستك، وهذا أمر مشروع لأنه من باب النصح للمسلمين، وأولى الناس بذلك الأقارب.
والله أعلم.