الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن علامة قبول الاستخارة تيسير الأمر المستخار فيه، وأما انشراح الصدر فهو أمر غير منضبط، لتأثير ما كان للنفس فيه هوى قوي قبل الاستخارة، ولفظ الدعاء الوارد في الاستخارة يدل على هذا المعنى، فإن فيه: " اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر فيه خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره ويسره لي ثم بارك لي فيه... " وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 19343. وأما تكرار صلاة الاستخارة فقد ذهب جمهور العلماء إلى استحباب ذلك كما فصلناه في الفتوى رقم: 7234.
وأما زواج المتوفى زوجها مرة أخرى بعد انتهاء عدتها، فليس فيه ما ينقص من شأنها لأن الشرع قد رغب في الزواج عموما، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم، ولا تكونوا كرهبانية النصارى. رواه البيهقي وصححه الألباني، بل إن الله تعالى يقول في المتوفى زوجها: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ{البقرة:234}. قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: " فيما فعلن" يعني النساء اللاتي انقضت عدتهن، قال العوفي عن ابن عباس: إذا طلقت المرأة أو مات عنها زوجها، فإذا انقضت عدتها فلا جناح عليها أن تتزين وتتصنع وتتعرض للتزويج، فذلك المعروف، وقد كان نساء الصحابة رضي الله عنهن يتزوجن بعد موت أزواجهن، ومن أمثلة ذلك أسماء بنت عميس تزوجها جعفر بن أبي طالب، فلما قتل تزوجها أبو بكر الصديق، فلما مات تزوجها علي بن أبي طالب، وغيرها كثير.
وعليه، فإذا كان هذا الرجل ذا دين وخلق، فإننا ننصحك بالقبول به زوجا، خاصة إذا غلب على ظنك أنه سيعتني بولديك كما أشرت إلى ذلك في سؤالك، إلا إذا كانت أمك غير راضية عن زواجك منه خاصة، أي أنها لا تمانع من زواجك بغيره، فحينئذ ننصحك بطاعة أمك في عدم الزواج منه خاصة، وقد سبق لنا تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 18767، والفتوى رقم: 23004. إلا إذا خشيت الوقوع في الحرام ولم يتقدم لك غيره، وكان ذلك برضا وليك. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 20537.
والله أعلم.