الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ندب إلى هذه الأذكار بعد الصلاة ورغب فيها، وهي مبينة في الفتوى رقم: 3934، ويستوي في ذلك الإمام وغيره. والسنة أن ينصرف الإمام بوجهه إلى المأمومين وأن لا يستمر الإمام مستقبل القبلة؛ لما ثبت في صحيح مسلم وغيره أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ذا الجلال والاكرام، قال المناوي في فيض القدير عن ابن حجر: أن المراد بالنفي نفي استمراره على هيئته قبل السلام إلا بقدر ما يقول ذلك، فقد ثبت أنه كان إذا صلى أقبل على أصحابه. انتهى.
وأما قيام المأموم قبل الإمام فقد ذكر بعض الفقهاء أنه مكروه أو خلاف الأولى يعني دون الكراهة. قال ابن قاسم الشافعي في حاشيته على تحفة المحتاج بشرح المنهاج لابن حجر ناقلاً عن بعض فقهاء الشافعية وهو يذكر المستحبات، وأنه يمكث المأموم في مصلاه حتى يقوم الإمام من مصلاه إن أراده عقب الذكر والدعاء؛ إذ يكره للمأموم الانصراف قبل ذلك حيث لا عذر له. قال الكردي: وظاهر كلامه في الإيعاب أن انصرافه قبل الإمام خلاف الأولى لا الكراهة. انتهى.
وخلاصة القول أنه لا كراهة في قيامهم قبل قيام الإمام إن كان لهم عذر، وإن انصرفوا قبل إتمام الإمام أذكاره وقبل قيامه لغير عذر فقد خالفوا الأولى ـ على هذا القول ـ ولا يطالب الإمام بالقيام قبل إكمال أذكاره، وإنما المطلوب منه أن يغير حالته التي كان عليها قبل السلام.
والله أعلم.