الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالابتلاء يكون لعدة أمور:
* لتكفير الخطايا، ومحو السيئات، كما في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ما يصيب المسلم من هم، ولا حزن، ولا وصب، ولا نصب، ولا أذى حتى الشوكه يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه. رواه مسلم.
* وتارة يكون لرفع الدرجات، وزيادة الحسنات، كما هو الحال في ابتلاء الله لأنبيائه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل... فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة. رواه البخاري، قال العلماء: يبتلى الأنبياء لتضاعف أجورهم، وتتكامل فضائلهم، ويظهر للناس صبرهم ورضاهم فيقتدى بهم، وليس ذلك نقصاً ولا عذاباً.
* وتارة يعاقب المؤمن بالبلاء على بعض الذنوب، كما قال الرسول صلى الله عليه و سلم: إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، ولا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد العمر إلا البر. رواه أحمد والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وحسنه السيوطي.
* وتارة يقع البلاء لتمحيص المؤمنين، وتمييزهم عن المنافقين، قال الله تعالى: أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ {العنكبوت:2-3}، فيبتلي الله عباده ليتميز المؤمنون الصادقون عن غيرهم، وليعرف الصابرون على البلاء من غير الصابرين.
وإذا قلنا بأن الابتلاء يكون أحياناً اختباراً يعرف به الصابرون ويتميزون عن غيرهم، فليس معناه أن الله تعالى يجهل حال هؤلاء المبتلين -حاشاه من ذلك- وإنما معناه أن يظهر على المرء لنفسه ولغيره من بني جنسه ما هو عليه من رضا بقضاء الله فيثاب على ذلك، أو من سخط لذلك فيحاسب أي على حسب ما ظهر منه.
والله أعلم.