الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأم الإنسان هي من حملته في بطنها تسعة أشهر وتحملت مشاق الحمل وعانت آلام الوضع الشديدة، كما قال الله: حملته أمه كرها ووضعته كرها أي بكره ومشقة.. إنها من أرضعته، ومن سهرت عليه الليالي الطوال، ومن أزالت الأذى عنه، ومن جاعت ليشبع، وسهرت لينام، هذا شيء يسير من أيادي الأم الكثيرة، فلو لم يرد في الشرع ما يأمر بالإحسان إليها وبرها، لكان برها واجباً عقلاً والإحسان إليها فرض أخلاقاً، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، وقد جعل الله ورسوله برها من أعظم الطاعات، قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمان: 14}.
وقال صلى الله عليه وسلم: الزمها، فإن الجنة عند رجلها. والحديث في المسند، وسنن النسائي وابن ماجه وهو صحيح. وقال صلى الله عليه وسلم: رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين. أخرجه الترمذي، وصححه ابن حبان والحاكم. وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه، وقد جعلت الشريعة عقوق الوالدين من أكبر الكبائر. ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين... الحديث.
إذا تبين هذا، فإن فعل هذا الرجل مع أمه وسعيه للتفرقة بين أهله من الفظاعة والقبح بمكان، ومآله إلى الندامة والخسران إن لم يتب إلى الواحد الديان، ولابد من نصحه وتذكيره، وتحذيره من هذا العمل لعل الله أن يصلح حاله إنه على ما يشاء قدير.
والله أعلم.