الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن طاعة الوالدين من أفضل الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى ربه، وذلك أن الله سبحانه قد أوصى بهما وجعل حقهما بعد حقه سبحانه قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {الإسراء: 23}. والآيات والأحاديث في بيان ذلك كثيرة معلومة. فمن أراد الله به خيرا وفقه لطاعة والديه وبرهما، ومن أراد به غير ذلك صرفه عن طاعتهم، وأبدله بالبر والإحسان بهما عقوقا وعصيانا، نعوذ بالله من الخذلان، فالأخت الفاضلة يجب عليها أن تعلم ما لأبويها من حق، وأن تسعى في كسب رضاهما عنها، وتصبر على الجفاء والمعاملة السيئة منهما، وتحتسب الأجر على ذلك عند الله عز وجل. وعليها عدم عصيان أبويها في موضوع الزواج، وربما لا فائدة من قولنا حاولي إقناعهما بهذا الشاب، لأنه يبدو من خلال السؤال أن لا أمل في إقناعهما بعد كل هذه الفترة وأنهما مصممان على الرفض، والذي يظهر لنا أن لدى الأبوين سببا أو أسبابا تحملهما على الرفض وتمنعهما من الموافقة، فالمعروف والعادة أن الابوين لا يقفان موقفا كهذا ولهذه المدة الطويلة ضد رغبة أحد ابنائهم إلا ولديهم أسباب ومبررات لهذا الموقف، لا سيما أن هذا الموقف من الأبوين كليهما، فنقول للأخت الفاضلة: عليك بطاعة والديك في أمر الزواج وغيره، فطاعتهم مقدمة على الزواج بشخص معين، وإنما لا تجب طاعتهم في حالة منع البنت من الزواج مطلقا، ورفضهم لكل من يتقدم، لذا نوصي أختنا بطاعة الله سبحانه أولا وطاعة والديها، وبالتوبة إلى الله عز وجل من عصيانها والديها في الفترة السابقة، ومن تهاونها وتساهلها في علاقتها بالشاب المذكور حتى نشأت بينهما تلك العلاقة، وقد يكون للأبوين نصيب من هذا التساهل والتقصير. ونوصيها كذلك بمحاولة نسيان هذا الشاب وقطع العلاقة معه كليا، والرضا بما قضى الله وقدر فإن الإنسان لا يعلم أين الخير، فينبغي الالتجاء إلى الله تعالى وسؤاله أن يقدر لك الخير حيث كان فربما كان الخير لك في صرف هذا الشاب عنك وزواجك بغيره، ولا إثم عليها إذا تزوجت من رجل آخر وبقي شيء من ذكرى ذلك الشاب في مخيلتها، فقد عفي عن هذه الأمة عما حدثت به نفسها، وبهذا يطمئن قلبها إن شاء الله بطاعة ربها وطاعة والديها، وسيعوضها الله عز وجل خيرا مما أخذ منها، نسأله سبحانه ذلك.