الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل أن دفن الجثث فوق الأرض لا يجزئ عند إمكان غيره، لأنه ليس بدفن.
قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج: (فصل) في الدفن وما يتبعه (أقل القبر) المحصل للواجب (حفرة تمنع) بعد طمها (الرائحة) أن تظهر فتؤذي (والسبع) أن ينبشه، وخرج بحفرة وضعه بوجه الأرض وستره بكثير نحو تراب أو حجارة، فإنه لا يجزئ عند إمكان الحفر، وإن منع الريح والسبع لأنه ليس بدفن...
وإذا كان محل الدفن ينبع منه الماء إذا حفر ولم يتيسر غيره، فلا مانع حينئذ من الدفن فوق الأرض، لأن نبوع الماء مما يتضرر منه الأموات.
قال النووي في المجموع: ذكر ابن قتيبة في المعارف وغيره أن طلحة بن عبيد الله أحد العشرة رضي الله عنهم دفن فرأته بنته عائشة بعد دفنه بثلاثين سنة في المنام فشكا إليها النز، فأمرت به فاستخرج طريا فدفن في داره بالبصرة. قال غيره: قال الرواي: كأني أنظر إلى الكافور في عينيه لم يتغير، إلا عقيصته فمالت عن موضعها، واخضر شقه الذي يلي النز. والنز هو: ما تحلب من الأرض من الماء.
ولا يجوز نقل الجثث بعد الدفن لغير سبب شرعي، سواء كانت حديثة أم قديمة، لكن إذا لحق بالقبر ضرر أو أذى، فإنه يجوز نبشه ودفن صاحبه في مكان آخر، ولك أن تراجعي فيه فتوانا رقم: 6779.
ولا يجوز البناء على القبور قبل أن يبلى من فيها من الأموات ويصيروا تراباً، وأما إذا صارت ترابا فيجوز الانتفاع بالمقبرة بالبناء والزراعة وسائر وجوه الانتفاع، وراجعي للتفصيل ومعرفة أقوال أهل العلم في ذلك الفتوى رقم: 19135.
والله أعلم.