الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن أرواح العباد يحصل التآلف بينها ويأنس بعضها لبعض، ويدل لذلك ما في حديث الصحيحين: الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف. قال ابن حجر في الفتح: قال الخطابي: يحتمل أن يكون إشارة إلى معنى التشاكل في الخير والشر والصلاح والفساد، وأن الخيِّر من الناس يحن إلى شكله، والشرير نظير ذلك يميل إلى نظيره، فتعارف الأرواح يقع بحسب الطباع التي جبلت عليها من خير وشر فإذا اتفقت تعارفت وإذا اختلفت تناكرت. وقد ذكر الهيثمي في مجمع الزوائد عدة وقائع في حياة السلف تدل على هذا فقال: وعن الحارث بن عميرة قال: انطلقت حتى أتيت المدائن، فإذا أنا برجل عليه ثياب خلقان ومعه أديم أحمر يعركه، فالتفت فنظر إلي، فأومأ بيده: مكانك يا عبد الله . فقمت فقلت لمن كان عندي: من هذا الرجل؟ قالوا: هذا سلمان فدخل بيته فلبس ثيابا بياضا ثم أقبل وأخذ بيدي وصافحني وسايلني، فقلت: يا أبا عبد الله ما رأيتني فيما مضى ولا رأيتك ولا عرفتني ولا عرفتك. قال: بلى والذي نفسي بيده، لقد عرفت روحي روحك حين رأيتك، ألست الحارث بن عميرة؟ قلت: بلى قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها في الله ائتلف وما تناكر منها في الله اختلف. رواه الطبراني في الكبير والأوسط. وذكر الهيثمي أن أسانيد الطبراني متكلم فيها.
والله أعلم.