الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الحديث الأول قد رواه الدارقطني والبيهقي بلفظ: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته ببسم الله الرحمن الرحيم. ورواه الترمذي أيضاً وقال عنه: هذا حديث ليس إسناده بذاك، وقال الشيخ الألباني ضعيف الإسناد.
وأما الحديث الثاني وهو قول أنس: صليت...... إلى آخر الحديث، فقد رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن وهذا لفظ مسلم، ومع صحة هذا الحديث الأخير، فقد اختلف أهل العلم في معناه، فقال في تحفة الأحوذي شرح الترمذي: قوله: يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين بضم الدال على الحكاية واختلف في المراد بذلك فقيل المعنى كانوا يفتتحون بالفاتحة وهذا قول من أثبت البسملة في أولها.... وقيل المعنى كانوا يفتتحون بهذا اللفظ تمسكا بظاهر الحديث، وهذا قول من نفى قراءة البسملة، لكن لا يلزم من قوله: كانوا يفتتحون بالحمد أنهم لم يقرؤوا بسم الله الرحمن الرحيم سرا. انتهى.
وقال في عون المعبود شرح سنن أبي داود نقلاً عن ابن حجر بعد أن ذكر اختلاف أهل العلم في البسملة هل هي آية من كل سورة أو آية من الفاتحة مع اتفاقهم على أنها بعض آية من سورة النمل قال: واختلفوا في قراءتها في الصلاة فعن الشافعي ومن تبعه تجب، وعن مالك تكره في الفرض دون النفل، وعن أبي حنيفة تستحب وهو المشهور عن أحمد ثم اختلفوا، فعن الشافعي يسن الجهر، وعن أبي حنيفة لا يسن، وعن إسحاق يخير. انتهى.
وخلاصة القول أن الشافعي رحمه الله يرى أن معنى قول أنس: كانوا يفتتحون بالحمد لله أي أنهم كانوا يقرؤون الفاتحة قبل السورة ولا يعني عدم البسملة، ويرى مالك أن المعنى الابتداء بالحمد لله من غير بسملة عملاً بظاهر اللفظ ، ومن تابع أحد القولين من عامة الناس فلا جناح عليه، وللمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 36312.
والله أعلم.