الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن اشتراط الولي بالنسبة للمرأة دون الرجل له اعتبارات وأسباب راجعة إلى نظام الإسلام وتشريعه في ما يتعلق بالجانب الاجتماعي والأسري.
فلئن كان الإسلام قد سوى بين الرجل والمرأة في التكريم والقيمة الإنسانية وفي التكاليف الشرعية والثواب والعقاب كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ {الحجرات: 13} فإن الإسلام قد فضل الرجل على المرأة وجعل له عليها درجة، هذا التفضيل وهذه الدرجة ليس في الكرامة الإنسانية أو في القرب من الله ونحو ذلك، فقد تقدمت الآية: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إنما هذا التفضيل لأجل ما كلف به الرجل وفضل به من المناصب الدينية والدنيوية كالنبوة والإمامة والقضاء والجهاد وغير ذلك، وبما كلف به من الإنفاق على الزوجة والأهل والعيال. قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ {البقرة: 228} وقال: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ {النساء: 33}
ولهذا جعل للرجل حق تأديب المرأة إذا نشزت، ووكل إليه الطلاق، ومن ذلك حق تولي عقد النكاح وهو واجب أكثر منه حق، وهو لصالح المرأة في النهاية، وذلك أن فيه تقوية لجانبها أمام زجها حيث يراها مسنودة الظهر بأب أو أخ قادر على حمايتها ورد الظلم عنها إن وقع، ولأن وليها أعرف منها بالرجال فيكون في إشراكه في الأمر خير لها.
ثم هذا الحق مقيد بعدم جواز إجبارها على من تكره حتى لو كان الولي أباً على الراجح من أقوال العلماء، وبعدم جواز عضلها ومنعها من الزواج، فإذا حصل من الولي العضل سقطت ولايته على تفصيل ليس هذا محله.
والله أعلم.