الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن عرض المرأة نفسها على الرجل وتعريفه رغبتها فيه لصلاحه أو فضله أو علمه أو غير ذلك من خصال الدين جائز شرعاً، ولا غضاضة فيه، بل هو مما يدل على شرفها، فقد أخرج البخاري من حديث ثابت البناني قال: كنت عند أنس رضي الله عنه وعنده ابنة له، قال أنس: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تعرض عليه نفسها، قالت: يا رسول الله ألك بي حاجة؟ فقالت بنت أنس: ما أقل حياءها واسوأتاه واسوأتاه، قال: هي خير منك، رغبت في النبي صلى الله عليه وسلم فعرضت عليه نفسها.
وعليه، فما فعلت من عرض نفسك على ذلك الإنسان الذي وصفته بأنه متدين وما كان منكما من عدم مجاوزة حدود الله هو الصواب، ولا حرج عليك فيما جعله الله في قلبك من حبه، طالما أنك متعففة عن كل ما حرم الله.
ولا حرج على المرأة في أن تعمل العمل الذي يلائم فطرتها الخلقية ووظيفتها الجسدية إذا أمنت الفتنة وروعيت الأحكام الشرعية، من خلال امتناع الخلوة، ولبس الحجاب، وعدم الاختلاط بالأجانب، والابتعاد عن جميع التصرفات غير الشرعية، ولك أن تراجعي في ضوابط عمل المرأة فتوانا رقم: 522.
وبر الوالدين من أوجب الطاعات وأعظم القربات، وقد صرحت بذلك نصوص الكتاب والسنة، قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا {الأحقاف: 15}.
ولكن طاعة الوالدين إذا تعارضت مع طاعة الله، فإن طاعة الله أولى وأحق، روى أحمد وصححه السيوطي والهيثمي والألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وستر وجه المرأة عند خشية الفتنة أمر متفق على وجوبه، وعند أمنها مختلف فيه، وراجعي فيه وفي أدلته الفتوى رقم: 5224.
فلا يجوز إذاً أن تطيعي أهلك في ترك الحجاب، وأقنعيهم بأن أوامر الله أحق أن تطاع، وأن الحجاب صيانة للمرأة ودليل على عفتها، وغير ذلك مما يقتضيه المقام.
والله أعلم.