الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن أعظم ما يقطع تعلق العبد بالذنب استحضار عظمة الله جل وتعالى، وقدرته على عبده واطلاعه عليه واستحضار دنو الموت وأنه يأتي فجأة، والعلم بأن لذة الذنب تزول وتبقى تبعاتها، واستحضار أن العبد سيقف بين يدي ربه، وأنه سيسأل عن الصغير والكبير والنقير والقطمير. قال تعالى: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ {الصافات: 24} وقال أيضا: فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ {الحجر: 92-93} وقال صلى الله عليه وسلم: ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان ولا حجاب يحجبه. رواه البخاري، وكذلك اليقين بما توعد الله به العصاة والمذنبين، وما وعد به الطائعين والصابرين ، فإن من تيقن من النار وحرها ازداد منها هربا، ومن تيقن من الجنة ونعيمها ازداد لها طلبا.
هذا، وإن مما يقطع تعلق القلب بالذنب هجر المكان الذي يعصى الله فيه والأشخاص الذين يشاركونه في المعصية ويزينونها له.
ففي صحيح مسلم أن رجلا قتل مائة نفس ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم فقال إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة فقال: نعم، ومن يحول بينه وبين التوبة، انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء..
هذا، وإذا كان الذنب متعلقا بالعشق فانظر الفتوى رقم: 9360 فإن فيها بيان داء العشق ودوائه، وننصح السائل بقراءة كتاب الداء والدواء للإمام ابن القيم، فقد أفاض فيه في ذكر آثار الذنوب والمعاصي وحشد من الأدلة ما يجعل صاحب القلب السليم يفر إلى مولاه ويهجر الذنوب والآثام، وكذلك طالع ربع المهلكات في كتاب مختصر منهاج القاصدين.
ولمزيد فائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18074، 18654، 12928، 11759، 16541، 6995، 43691.
والله أعلم.